واللسان والشفتان [والأسنان (١)] وتركيب [بعض (٢)] هذه الأعضاء مع بعض. وجعل كل واحد منهما على شكل خاص ، وهيئة خاصة ، حتى يقدر الإنسان بواسطتها على الإتيان بهذه الحروف المخصوصة. لكنا نعلم أن جمهور الخلائق يتكلمون بهذه الحروف المخصوصة ، مع أنه لا يخطر ببالهم كيفية أحوال هذه الأعضاء ، اللواتي هي الآلات في إيجاد الحروف المخصوصة ، ولا يخطر ببالهم كيفية تلك الأوضاع التي باعتبارها يتمكنون من التلفظ بهذه الحروف [فثبت (٣)] بمجموع ما تقدم : أن العبد لو كان موجدا لأفعال نفسه ، لكان عالما بتفاصيل تلك الأفعال ، وثبت أنه غير عالم بتلك التفاصيل ، فوجب أن لا يكون موجدا لها.
وبالله التوفيق
البرهان الخامس
اعلم : أنا نبين أن العبد غافل عن أحوال فعل نفسه ، وعن أحوال فاعليته لها ، من وجوه كثيرة. ثم نبين : أنه متى كان الأمر كذلك ، امتنع كونه موجدا لتلك الأفعال. وهذا البرهان [هو عين (٤)] ما تقدم. إلا أن الوجوه المذكورة (٥) هاهنا ، مغايرة للوجوه المذكورة في تقرير البرهان المتقدم.
فنقول : الذي يدل على كون العبد غافلا عن أحوال فعله ، وعن أحوال فاعليته ، وجوه :
الأول : إن الناس تحيروا في أن القادر على الإيجاد ، أيقدر عليه حال وجود الأثر ، أو قبله؟ فقال بعضهم : إنما يقدر عليه حال وجوده. لأنه قبل
__________________
(١) من (ل).
(٢) سقط (ل).
(٣) من (ط ، ل).
(٤) من (ط ، ل).
(٥) الكثيرة (م ، ل).