في حق الله تعالى ، أو في حق العبد. وبيانه : أن الذي عدم فقد فني ولم يبق منه لا ذاته ولا حكم من أحكامه. فإذا حصل بعد ذلك شيء آخر ، فهو مغاير للأول ، وامتنع أن يكون عين ذلك الذي عدم. سلمنا : أن الإعادة في الجملة جائزة. لكن لم قلتم : إن القادر على الابتداء ، يجب أن يكون قادرا على الإعادة؟ وتقريره : إن الابتداء يمتاز عن الإعادة بأمر من الأمور. فلم لا يجوز أن يقال : إن ما به حصل الامتياز يكون شرطا في أحد الطرفين أو مانعا في الطرف الآخر؟ ثم نقول : الفرق بين الإعادة وبين الابتداء. هو أنه لو صحت الإعادة من العبد ، لكان إما أن يقدر على إعادته بتلك القدرة ، التي بها أوجد ذلك الفعل في الابتداء ، أو بغير تلك القدرة. والقسمان باطلان. أما أنه يمتنع [إعادة (١)] ذلك الفعل بعين القدرة التي بها أوجده في الابتداء. فذلك لأن القدرة لا بد وأن تتعلق في كل وقت بإيجاد فرد من أفراد ذلك النوع. فلو تعلقت أيضا في وقت من الأوقات بإعادة ما عدم ، لكان قد تعلقت في الوقت الواحد ، في المحل الواحد [من الجنس الواحد (٢)] بأكثر من مقدور واحد. ولو جاز [ذلك (٣)] لما كان عدد أولى من عدد. فيلزم جواز (٤) تعلقها بما لا نهاية له. وذلك محال. لأنه يلزم أن لا يبقى التفاوت بين القادر وبين الأقدر. فثبت : أن إعادة الفعل بعين القدرة التي حصل بها الإيجاد في الابتداء : محال. وأما أنه لا يمكن إعادته بقدرة أخرى. لأنه لو جاز أن تتعلق قدرتان بإيجاد مقدور واحد ، لجاز قيام كل واحد منهما بقادر آخر. وذلك يفضي إلى حصول مقدور ، بين قادرين. وهو محال. فثبت : أن العبد لو قدر على إعادة فعل نفسه ، لقدر عليه. إما بعين تلك القدرة وإما بقدرة أخرى وثبت أن كل واحد منهما محال فلزم القول : بأن العبد لا يقدر على الاعادة. وهذا العذر غير موجود في القدرة على إيجاد الفعل ابتداء. فثبت : أنه لا يلزم من قدرة العبد على الإيجاد ابتداء ، قدرته على إعادة ذلك الفعل. فهذا هو تقرير هذا الفرق.
__________________
(١) سقط (م).
(٢) من (طا ، ل).
(٣) من (طا ، ل).
(٤) وجوازه (س).