[ثم نقول : هذا الذي ذكرتم قياس فاسد. لأن الفرق الذي ذكرناه. إن صح ، فقد بطل الجمع. وإن فسد ، منعنا الحكم في الأصل ، وقلنا : العبد يقدر على الإعادة. فهذا القياس دائر بين ظهور الفارق بين الأصل والفرع. وبين منع الحكم في الأصل (١)] ثم نقول : إنكم بنيتم هذه الحجة على أنا سلمنا أن العبد لا يقدر على إعادة فعل نفسه. ولو منعنا ذلك ، وحكمنا بأنه يجوز منه إعادة فعله ، فحينئذ لا يبقى دليلكم البتة.
والجواب : أما بيان أن الإعادة جائزة فهو أن جواز الوجود من لوازم الماهية ، فلما ثبت جواز إيجاده في بعض الأحوال ، وجب أن يدوم ذلك [في (٢)] كل الأحوال. قوله : «إنه نفي محض ، فكيف يمكن الحكم عليه بهذا الحكم المخصوص»؟ قلنا : قولكم : بأنه لا يصح الحكم عليه : حكم عليه بامتناع الحكم عليه. ولما كان عدمه غير مانع من هذا الحكم ، فلم لا يجوز أن لا يمنع أيضا من الحكم الذي ذكرناه؟ قوله : «الإعادة ممتازة عن الابتداء ، بأمر ما فلم لا يجوز أن يكون ما به الامتياز ، شرطا في أحد الطرفين ، وإلا لكان ذلك الوصف أيضا مبتدأ ، ويلزم التسلسل. وإذا كان ذلك الوصف عدما محضا ، امتنع دخوله في المقتضى.
وأما الفرق الذي ذكروه فهو بناء على أصولهم الفاسدة في أنه يمتنع حصول مقدور واحد ، بين قادرين. وفي أن القدرة الواحدة في الوقت الواحد ، في المحل الواحد ، من الجنس الواحد ، لا تتعلق إلا بمقدور واحد. وكل هذه الأصول عندنا فاسدة. قوله : «لو ثبت فساد هذا الفرق ، منعنا الحكم ، وقلنا : العبد يقدر على الإعادة» قلنا : هذا لا سبيل إليه لأن الأمة مجمعة على أن العبد لا يقدر على إعادة فعل نفسه ، فالقول بأنه يقدر على هذه الإعادة يكون خرقا للإجماع.
وبالله التوفيق
__________________
(١) سقط (س).
(٢) سقط (م).