البرهان الثامن
لو كان العبد موجدا لفعله. لكان إما أن يقصد إيجاده فقط ، أو يقصد إيجاده في الوقت المعين. والأول باطل. لأنه لو قصد مطلق الإيجاد من غير أن يقيد ذلك الإيجاد بوقت معين ، لم يكن وقوع ذلك الفعل في بعض الأوقات ، أولى من وقوعه في الوقت الآخر. فيفضي إلى أن يحصل حدوثه في كل الأوقات ، أو إلى أن لا يقع حدوثه في شيء من الأوقات. والكل محال.
وأما الثاني : وهو أن يقال : إنه قصد [إلى (١)] إيقاع الفعل في الوقت المعين. فهذا أيضا باطل. لأن الحركة من أول المسافة إلى آخرها ، عبارة عن حصولات متوالية في أحياز متعاقبة. وكل واحد من تلك الحصولات غير منقسم. فإذا كان لا ماهية للحركة إلا حصولات غير منقسمة ، متوالية في أحياز متلاصقة ، غير منقسمة ، كان القصد إلى إيجاد تلك الحركة : قصدا إلى إيجاد تلك الحصولات الغير منقسمة في تلك الأحياز الغير منقسمة. والقصد إلى الشيء بدون العلم بماهية [المقصود (٢)] إليه : محال. فوجب أن يكون القاصد (٣) إلى تكوين الحركة عالما بالضرورة بأنه يحدث ويدخل في الوجود حصولات متعاقبة غير منقسمة [في أحياز متلاصقة غير منقسمة (٤)] ومعلوم أن هذا العلم : مقصود في حق الأكثرين.
فثبت : أن موجد الحركة ومكونها ، ليس هو العبد.
وذلك هو المطلوب
البرهان التاسع
لو أثرت قدرة العبد في حدوث الفعل. لكان أثرها في حدوث ذلك الفعل ، إما أن يكون بتركه من محل تلك القدرة ، أو لا بتركه من محلها.
__________________
(١) من (م).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) الفاصل (ط).
(٤) من (ط).