لا يعلل ، وبالجملة ان الفاعل المختار لما تحققت فيه الارادة يجد نفسه بالنسبة الى نفس الفعل له ان يفعل وله ان لا يفعل وذلك هو اختيارية النفس وهذه الصفة هي التي تؤثر في الفعل من دون مدخلية شيء. فهو وان كان قد خالفنا بتقدم الارادة على الاختيار لما عرفت منا سابقا من تقدم الاختيار على الارادة لأن النفس لما كانت صفة الاختيار متحققة فيها فلها ان تفعل ولها ان تترك فالارادة هي التي يحصل بها الترجيح للفعل أو الترك فمع تحقق ارادة الفعل يتحقق الفعل ومع ارادة الترك لا يتحقق فالارادة متوسطة بين الاختيار والفعل ولكن وافقنا على كون الافعال مستندة الى الاختيار الذي هو من الصفات القائمة بالنفس ولا يحتاج الى علة اخرى (١) اذا عرفت ما ذكرنا من بطلان دعوى الاشاعرة بالمغايرة
__________________
(١) يرد عليه ان صيرورة ما هو بالقوة فعليا تحتاج الى علة تامة ولو كانت هي النفس الى ان تنتهي الى علة تامة قديمة وإلّا لزم التسلسل الذي هو بديهي البطلان أو لزوم وجود الشيء بلا وجود عليته التامة وبطلانه أوضح من سابقه كما انه يرد على بعض الاعاظم قدسسره بان حملة النفس وتصديها للفحص عن الشيء من الامور التي تتجدد على النفس وهي حادثة تحتاج الى علة تامة الى ان تنتهي الى علة قديمة وإلّا لزم التسلسل أو لوجود بلا علة تامة وكلاهما بديهي البطلان ولذا لا تندفع شبهة المجيرة بما ذكراه وحاصلها ان ارادة العبد المستتبعة لتحريك العضلات تحتاج الى علة لحدوثها وتلك العلة لا بد ان تنتهي الى علة لا تكور معلولة للغير وإلّا لزم التسلسل الواضح البطلان ، فمع تحقق علته التامة يكون الفعل ضروري الوجود ومع عدمها يكون ضروري العدم فحينئذ لا اختيار وقد أجاب عنها المتكلمون بما حاصله ان ذلك يتم في الفاعل الطبيعي لا الفاعل الارادي اذ الفاعل الارادي له جهة اختيار فله ان يفعل وله ان يترك فالفعل الصادر عن ارادة واختيار اختياري