الارادة عن المراد ، وان كانت غير متحققة فحينئذ ليسوا بعصاة. قلت : ذكرنا سابقا ان الارادة على قسمين : ارادة تشريعية وارادة تكوينية ، أما الأولى : فعبارة عن العلم بمصلحة المكلف ، والثانية عبارة عن العلم بالنظام التام الكامل ، وتخلف الارادة عن المراد ، انما لا يعقل بالنسبة الى القسم الثاني المعبر عنها (بكن فيكون) لا الاولى ، والتي هي متحققة في حق الكفار هي الاولى لا الثانية وتوضيح الفرق بين الارادتين : ان الاختلاف بينهما باختلاف جهات انعدام الشيء فتارة يكون انعدامه بانعدام مقتضيه ، واخرى انعدامه لوجود المانع وثالثة انعدامه من جهة فوات بعض المقدمات فحينئذ اذا تعلقت ارادة المولى وكان منسدا عنه ابواب الانعدام وهو قادر على الاتيان والايجاد فحينئذ لا بد من حصول الشيء عند تعلق الارادة بالوجود وهذه هي الارادة التكوينية وهي لا تتخلف عن المراد وأما اذا تعلقت ارادة المولى بحفظ الوجود من قبل عدم المقتضي بمعنى ان ارادة المولى إحداث مقتضي الوجود من قبل امره ، لكي يتحقق بذلك مورد حكم العقل بالموافقة ، امكن تخلف مثل هذه الارادة بملاحظة فوات بعض المقدمات أو وجود المزاحمات وهذه هى المسماة بالارادة التشريعية على ان هذا الاشكال اعني تخلف المراد عن الارادة انما يتأتى بناء على اتحاد الطلب والارادة (١) واما بناء على المغايرة
__________________
(١) لا يخفى ان هذا الاشكال لا دخل له بحديث المغايرة والاتحاد كما ان الفرق بين الارادة التشريعية والتكوينية بان المراد يتخلف عن الارادة في الاولى دون الثانية محل نظر اذ لا يعقل تخلف المراد عن الارادة مطلقا بيان ذلك ان هذا التقسيم ليس راجعا الى حقيقة الارادة فان حقيقتها معنى وحداني وهو العلم بالصلاح وانما التقسيم باعتبار ما تقتضيه الارادة من المراد فتارة يكون العلم بالصلاح على النحو الكامل اعني ما يتعلق بنظام العالم كانزال الكتب وارسال الرسل المتوقف