الأول في بيان المراد من التعبدي والتوصلي فقد عرفهما القدماء بان الغرض ان كان معلوما للمكلف فهو توصلى وإلا فتعبدي ولكن لا يخفى ان الغرض عبارة عن المصلحة والملاك وغالبا المصالح ليست معلومة في التوصليات وما ذكر من العلل فليست بعلل وانما هي حكم على انه كما رتبت على التعبديات رتبت على التوصليات ولذلك عدل المتأخرون وعرفوا التوصلي بان مجرد الاتيان يوجب سقوط الغرض والتعبدي بان مجرد الاتيان لا يسقط الغرض بل يحتاج في سقوطه الى قصد التقرب وبذلك عرف الاستاذ في الكفاية حيث قال ما لفظه (الوجوب التوصلي هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد حصول الواجب ويسقط بمجرد وجوده بخلاف التعبدي فان العرض منه لا يكاد يحصل بذلك بل لا بد في سقوطه وحصول غرضه من الاتيان به متقربا منه تعالى) وتعريف بعضهم بانه ان احتاج فى تفريغ الذمة الى قصد امتثال الامر فتعبدي وإلا فتوصلي فهو وان كان اجمع وأشمل إلا ان ذلك
__________________
الوجوب مشكوك الثبوت مع فعل احدهما فحينئذ يكون من باب الشك فى التكليف وهو مجرى البراءة ودعوى عدم جريانها لكون المقام مجرى للاستصحاب وهو الوجوب الثابت قبل فعل النائب أو المتبرع مدفوعة بان المقام من قبيل الفرد المردد الذي لا نقول يجريان الاستصحاب فيه على ان استصحاب الجامع بين ما لا يسقط بفعل الغير وبين ما يسقط بفعل الغير لا يجري لعدم ترتب الاثر على الجامع بينهما مع انه شرط في جريان الاستصحاب ترتب الاثر على المستصحب مضافا الى حكومة البراءة على الاستصحاب في المقام لأن بقاء الجامع مسبب عن الشك في تقييد الواجب بعدم اتيان الغير فالبراءة ترفع التقييد تعبدا فلا يبقى موضوع للاستصحاب وسيأتي له مزيد توضيح ان شاء الله تعالى في تعارض الاستصحاب مع الاصول العملية.