لا يخفى ان تقسيم المقدمة الى هذه الامور الثلاثة لم تكن على نسق واحد فان وساطة العقل في العقلية واسطة في الاثبات إذ الواسطة في الثبوت هو نفس الشيء بما هو هو وان كانت وساطة الشرع فى الشرعية او العادة في العادية فهي واسطة فى الثبوت دون الاثبات لظهور ان للملازمة انما تتحقق بعد اعتبار الشرع او اقتضاء العادة للمقدمة فلو لا اعتبار مطلوبية الصلاة مقيدا بالطهارة مثلا في الشرعية وتحصيل العلم من طريق التعلم مثلا فى العادية لما كان ثمة ملازمة بين الطهارة والصلاة كما فى الأول ولا بين تحصيل العلم والتعلم فى الثاني.
الامر السادس تنقسم المقدمة الى مقدمة وجود ومقدمة وجوب ومقدمة صحة ومقدمة علمية وهذا التقسيم باعتبار نفس الواجب ولا يخفى ان مقدمة الصحة راجعة الى الأولين لظهور ان القصور انما هو في عروض الوجوب على الشيء فتارة يكون لقصور فى الموضوع واخرى لقصور فى الحكم فان كان من قبيل الأول كانت المقدمة مقدمة وجودية كالطهارة بالنسبة الى الصلاة فان وجود الصلاة متوقفة على وجود الطهارة
__________________
كما يمتنع الكون على السطح بلا نصب السلم. إلا ان الامتناع في الأول بحسب ذاته المسمى بالمحال العقلي والامتناع في الثاني بالقياس الى عادم الجناح وعادم القوة الخارقة المسمى بالامتناع العادي.
وبالجملة التوقف واقعى في الصور إلا انه عقلي تارة وعادي اخرى وبعبارة اخرى ان حقيقة المقدمية فى الكون على السطح هو طي المسافة الجامع بين نصب السلم والطيران إلا ان الجامع ينحصر بنصب السلم لعدم ما يتمكن معه من الطيران فهو واجب بالعرض لا بالذات فالتوقف تارة يكون واجبا بالعرض كما هو بالنسبة الى نصب السلم فيسمى بالتوقف العادي واخرى يكون واجبا بالذات كما هو بالنسبة الى الجامع فيسمى بالتوقف العقلي فافهم وتأمل فانه دقيق.