مقدمات الحكمة
الفصل الثالث في بيان جريان مقدمات الحكمة فنقول ان دلالة المطلق كرجل مثلا على الماهية المبهمة المعبر عنها باللابشرط المقسمي بالوضع وان الشياع والسريان خارج عما وضع له ويستفاد من دال آخر وهو الحكمة وهي تتوقف على مقدمات وهي كون المتكلم بصدد بيان تمام مراده بهذا الكلام ولم تقم قرينة ولم يكن هناك قدر متيقن فمع هذه المقدمات (١) يحكم العقل بالاطلاق جزما. إن
__________________
(١) ذكرنا في تقريراتنا لبحث الاستاذ المحقق النائيني (قدسسره) في بيان مقدمات الحكمة انها على ثلاثة أقسام :
الأول أن يكون المحل قابلا لورود الاطلاق والتقييد فلا يجري ما اذا لم يكن كذلك كالتعبدية والتوصلية فانهما غير قابلين لطرو الاطلاق والتقييد.
الثاني ان يكون المولى فى مقام البيان لا في مقام التشريع أو فى مقام بيان حكم آخر فاذا لم يكن في مقام البيان بل كان في مقام التشريع كمثل (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ونحو ذلك مما يكون لبيان أصل التشريع فلا يجوز التمسك بالاطلاق وكذلك اذا كان فى بيان التعرض لحكم آخر كقوله (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ) فانه في بيان حلية الاكل وليس فى بيان طهارة محل العضو الذي عضه الكلب المعلم حتى يتمسك بالاطلاق فيحكم بجواز أكل موضع العض من دون تطهير ، واما فيما اذا لم يكن فى مقام التشريع ولا لبيان حكم آخر فبأي شيء يتمسك الاطلاق فنقول يمكن ذلك بالأصل العقلائي الجاري فى كل متكلم ، فان الأصل فى كل من تكلم بكلام ان يكون كلامه كاشفا للمراد وانه ليس في مقام الاجمال والاهمال