الحيوانات الساذجة من حيث الإدراك والاجتماع ، ومن في تلوهم من الإنسان كالأطفال ، وكذا في الكشف عن الأمور المستحدثة ، وكذلك في استعمال أنحاء الإشارات وتشفيع الكلام بها ان أقدم التفهيمات ما يتعلق منها بالمعاني الموجودة تحت الحس بعرض المعنى نفسه على حس المخاطب ومع عدم إمكانه استعمال الإشارة أو إيجاد صوت عنده مع تعقيبه بما يريده من المخاطب ، كما ان الواحد من الطيور إذا أراد تفهيم صاحبه ما يجب الحركة إليه أو عنه أخذ في الصوت فيتوجه إليه صاحبه لمكان ضرورة البحث عن علل الحوادث عند الحيوان ثم يعقب الصائت صوته بالحركة إلى الحبة مثلا فيدرك صاحبه ما كان يريد إدراكه إياه أو يهرب عن محذور مخوف منه فيدركه صاحبه فيفعل ما يفعل ، فهذا أول ما يدل باللفظ على المعنى.
ثم ان الإدراكات الوجدانية كالمحبة ، والعداوة ، والشوق ، والكراهية ، والشهوة ، والغضب ، وغير ذلك على اختلافها توجب اختلافا في الصوت بالضرورة وهذا أول ما يحصل به الاختلاف في الأصوات التي هي الألفاظ ، وباختلافها يحدث الاختلاف ، والكثرة اللفظية في تفهيمات الحيوان والحيوان بوهمه مفطور على الانتقال من مجاور إلى ما يجاوره ، ومن ملازم إلى ما يلازمه ولو اتفاقا فبتكرر الوقوع يذعن الحيوان بالملازمة وينتقل من الصوت الخاصّ إلى المعنى الخاصّ في الجملة ويستدل به عليه ، فالحيوان إذا سمع صوت رأفة استدل به