بما ذكرنا أن تمايز العلوم انما هو باختلاف الأغراض الداعية إلى التدوين لا الموضوعات ولا المحمولات وإلا كان كل باب بل كل مسألة من كل علم علماً على حدة كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمل فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجباً للتعدد كما لا يكون وحدتهما سبباً لأن يكون من الواحد (ثم) انه ربما لا يكون لموضوع العلم وهو الكلي المتحد مع موضوعات المسائل عنوان خاص واسم مخصوص فيصح أن يعبَّر عنه بكل ما دل عليه بداهة عدم دخل ذلك في موضوعيته أصلا. وقد انقدح بذلك أن موضوع علم الأصول هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتتة
______________________________________________________
المميز للعلوم بعضها عن بعض هو الأغراض وفي الفرض لا اثنينية حتى يرجع إلى المميز بل أمر واحد يترتب عليه غرضان طوليان أو عرضيان بخلاف ما إذا اشتركت ببعض المسائل فانه يكفي في الاثنينية الاختلاف في بعض المسائل الأخر (١) (قوله : بما ذكرنا) يعني في تعريف المسائل من أن الجامع بينها اشتراكها في الدخل في الغرض (٢) (قوله : باختلاف الأغراض) قد أشرنا إلى انه يمكن التمييز بالموضوعات بالمعنى المتقدم في كلام الدواني ، أو بالمعنى المتقدم في كلام المشهور ، والمصنف. نعم قد يُشكل حيث لا يكون الجامع له مفهوم محصَّل واضح بعد إمكان فرضه فيكون التمييز حينئذ بالمحمولات أو بالأغراض ، وقد يكون الأمر بالعكس ، وقد يكون التمييز عن طائفة من العلوم بالموضوع وعن طائفة أخرى بالمحمول كما في العلوم العربية فان امتياز بعضها عن بعض بالمحمولات وامتيازها أجمع بالموضوعات أمر ممكن (٣) (قوله : لا الموضوعات) قد اشتهر أن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات فأشكل بأنه قد يكون الأمر الواحد موضوعا لعلوم متعددة مثل العلوم العربية لكنهم دفعوا هذا الإشكال بقولهم : ان تمايز الموضوعات بتمايز الحيثيات ، يعنون بها الإضافات إلى محمولاتها مثل كون الكلمة من حيث الإعراب والبناء موضوعا لعلم النحو وهي من حيث المعنى موضوع لعلم اللغة ، وهكذا لكنه راجع إلى التمييز بالمحمولات كما عرفت (١) (قوله : وإلّا كان كل باب ... إلخ)