يضرب في ذلك الوقت أو فيما بعده مما مضى ، فتأمل جيداً ثم لا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما به يمتاز الحرف عما عداه بما يناسب المقام لأجل الاطراد في الاستطراد في تمام الأقسام (فاعلم) أنه وان اشتهر بين الأعلام ان الحرف ما دل على معنى في غيره وقد بيناه في الفوائد بما لا مزيد عليه إلّا أنّك عرفت فيما تقدم عدم الفرق فيما بينه وبين الاسم بحسب المعنى وانه فيهما لم يلحظ فيه الاستقلال بالمفهومية ولا عدم الاستقلال بها ، وانما الفرق هو انه وُضع ليستعمل وأريد منه معناه حالة لغيره وبما هو في الغير ، ووضع غيره ليستعمل وأريد منه معناه بما هو هو وعليه يكون كل من الاستقلال بالمفهومية وعدم الاستقلال بها انما اعتبر في جانب الاستعمال لا في المستعمل فيه ليكون بينهما تفاوت بحسب المعنى فلفظ الابتداء لو استعمل في المعنى الآلي ولفظة (من) في المعنى الاستقلالي لما كان مجازاً واستعمالاً له في غير ما وضع له وان كان بغير ما وضع له فالمعنى في كليهما في نفسه كلي الطبيعي يصدق على كثيرين ، ومقيداً باللحاظ الاستقلالي أو الآلي
______________________________________________________
(١) (قوله : فتأمل جيداً) يمكن أن يكون إشارة إلى ضعف التأييد لإمكان دعوى كون المراد من الزمان الماضي الّذي يدل عليه الفعل الماضي ما كان ماضيا بالإضافة إلى غيره لكن إطلاقه يقتضي كونه بالإضافة إلى زمان النطق ، وقد تقوم قرينة على خلافه ، وكيف كان فالمدلول هو الزمان الماضي في الحالين ، وكذا الكلام في المضارع فتلخص أن كلا من الفعل الماضي والمضارع دال بمادته على المبدأ وبهيئته على نسبة خاصة أعني القائمة بمبدإ خارج من العدم إلى الوجود أو يخرج وأن تلك الخصوصية هي منشأ فهم الزمان منه ، والأمر سهل (٢) (قوله : فلفظ الابتداء لو استعمل) قد عرفت سابقا أن لفظ (الابتداء) حاك عن نوع من الربط أعني ربط الشيء بمبدئه ملحوظا بالاستقلال في نفسه ولفظ (من) حاك في كل مورد من موارد استعماله عن إضافة خاصة مباينة لغيرها المحكية بها في مورد آخر فإذا قلت : سرت من البصرة ، ف (من) حاكية عن إضافة قائمة بين السير والبصرة فإذا