قلت أيضا : ثم سرت من الكوفة ، فهي حاكية عن إضافة أخرى قائمة بين السير والكوفة فهما إضافتان متماثلتان فردان لمفهوم الإضافة القائمة بين الشيء ومبدئه وليست في الموردين مستعملة في معنى واحد وهو الجامع المذكور إذ لا يفهم منها الجامع أصلاً بل المفهوم منها في كل مورد شخص من الإضافة مباين لما يفهم منها في المورد الآخر والمراد من كون الإضافة شخصاً انها فرد من الجامع بينها وبين غيرها الّذي لا يحكيه الحرف أصلا بل هي لا تصدق على الكثيرين (ودعوى) أنه لا ريب في تحقق امتثال : سر من البصرة ، بالسير من الجانب الشرقي وبالسير من الجانب الغربي وغيرهما فهذه الإضافات القائمة بين السير وكل واحد من جوانب البصرة هي افراد للإضافة القائمة بين السير والبصرة (مدفوعة) بأن الإضافات المذكورة مباينة للإضافة القائمة بين السير ونفس البصرة كما انها متباينات في أنفسها وتحقق الامتثال في أنواع السير المذكورة من جهة أن كل واحد من تلك الأنواع كما يكون منشأ للإضافة القائمة بين السير وأحد الجوانب يكون منشأ لانتزاع الإضافة القائمة بين السير ونفس البصرة أيضا فالعموم ليس للإضافة بل لمنشإ انتزاعها الّذي هو في الحقيقة موضوع التكليف ، وإلا فالإضافات متباينة باختلاف بعض أطرافها ولو بالكلية والجزئية (ولعل) من هنا يشكل كون الإضافات المتباينة من قبيل أفراد الجامع الواحد وهو مفهوم إضافة الشيء إلى مبدئه مثلا فان إضافة الشيء إلى مبدئه كلية أيضا تباين الإضافات المستعمل فيها لفظ (من) فلا عموم لها فيها وإنما العموم للمتضايفين والإضافة القائمة بين العامين تباين الإضافة القائمة بين الخاصّين فالاختلاف بين معني الاسم والحرف ليس بالعموم والخصوص بل بالاستقلالية والتبعية لا غير ولو قلت : سرت من البصرة ، فقال آخر لك : سرت من البصرة ، فما استعملت فيه (من) في المقامين واحد لأن الصور الذهنية وان تعددت بتعدد الاستعمال إلّا أن محكيها واحد وهو المستعمل فيه كما لو استعملت لفظ زيد في ذاته مرتين أو أكثر فان المستعمل فيه واحد وهو الذات وان كان الاستعمال لباقي الصور الحاكية عنها إلا انها لما كانت ملحوظة باللحاظ الآلي كان