وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلم في صحة العبادة انما يكون لأجل الاختلاف فيما هو المهم لكل منهما من الأثر بعد الاتفاق ظاهراً على أنها بمعنى التمامية كما هي معناها لغة وعرفاً ولما كان غرض الفقيه هو وجوب القضاء أو الإعادة أو عدم الوجوب فسر صحة العبادة بسقوطهما وكان غرض المتكلم هو حصول الامتثال الموجب عقلاً لاستحقاق المثوبة فسرها بما يوافق الأمر تارةً وبما يوافق الشريعة أخرى
______________________________________________________
لا دخل لها في ذلك نعم الآثار المختلفة ربما تكون مقتضياتها مختلفة بحسب المرتبة فتكون الآثار ملحوظة طريقا إلى تعيين تلك المرتبة لا أنها بنفسها ملحوظة معياراً للاتصاف بالصحّة والفساد بل المعيار تلك المرتبة الخاصة المؤثرة في أثر كذا ومن هنا يشكل قوله : التي بالقياس ... إلخ فلاحظ (١) (قوله : وهكذا الاختلاف) هذا تعريض بمن نسب الاختلاف إلى الفقهاء والمتكلمين في معنى الصحة وأنها عند الفقهاء إسقاط الإعادة والقضاء ، وعند المتكلمين موافقة الأمر أو الشريعة وحاصل التعريض ان اختلافهم في تعريف الصحة ليس لاختلافهم في معناها بل هي عند الجميع بمعنى واحد لكن لما كان المقصود بتعريفها الإشارة إليها ببعض لوازمها وآثارها وكان الأثر المترتب عليها مختلفا باختلاف مقاصدهم اختلفت تعريفاتها باختلاف الأثر المقصود فعرفها الفقهاء بإسقاط الإعادة والقضاء لأنه الأثر المقصود في البحث عن فعل المكلف من حيث الاقتضاء والتخيير ، وعرفها المتكلمون بموافقة الأمر أو الشريعة لكونه أنسب بمقصدهم بالبحث عن حيثية استحقاق الثواب والعقاب ، قال في الفصول : وكأن منشأ اختلافهم في ذلك اختلاف محل إنظارهم فان الأنسب بمقاصد الكلام البحث عن الفعل من حيث قصد الامتثال به ولو في الجملة ؛ والأنسب بمقاصد الفقه البحث عنه من حيث تعلق الخطاب بقضائه وعدمه انتهى ، أقول : إذا كان المراد من موافقة الأمر موافقة نفس المأمور به كما سيأتي في التنبيه الآتي لا إطاعة الأمر فهو عين الصحة بمعنى التمامية ـ حسبما عرفت ـ