وقع المزاحمة بين المقتضيين ويؤثر الأقوى منهما لو كان في البين وإلا لم يؤثر أحدهما وإلا لزم الترجيح بلا مرجح فليحكم عليه حينئذ بحكم آخر كالإباحة إذا كان أحدهما مقتضياً للوجوب والآخر للحرمة مثلا. وأما صحة الصوم في السفر بنذره فيه ـ بناء على عدم صحته فيه بدونه وكذا الإحرام قبل الميقات ـ فانما هو لدليل خاص كاشف عن رجحانهما ذاتاً في السفر وقبل الميقات وانما لم يأمر بهما استحباباً أو وجوباً
______________________________________________________
كأنه تكرار غير مناسب (١) (قوله : وقع المزاحمة) يعني حيث يُحرز المقتضي فيهما (٢) (قوله : وإلا لم يؤثر) يعني إن لم يكن أحدهما أقوى ولو احتملت أقوائية أحدهما بعينه أخذ بمقتضاه لو كان إلزامياً (٣) (قوله : للحرمة) وكذا لو كان أحدهما مقتضيا للاستحباب بحده أو الكراهة كذلك والآخر مقتضيا للحرمة أو الوجوب وأما لو كان أحدهما مقتضياً للاستحباب في الجملة وآخر مقتضياً للوجوب تأكد الطلب وكذا الحال في الكراهة والحرمة والله سبحانه أعلم (٤) (قوله : وأما صحة الصوم) قد استفاضت النصوص بأنه لا بد في صحة النذر من أن يقول الناذر : لله علي كذا ، وعليه إجماعهم ظاهراً والظاهر من اللام المذكورة أن تكون للملك نحو اللام في قولك : لزيد علي مال كذا ، أو فعل كذا ، ولا مانع من اعتبار ملكية الله تعالى للفعل نحو ملكيته لسدس الخمس كما يقتضيها ظاهر قوله تعالى : (فإنَّ لِلَّهِ خُمسهُ وَلِلرسول ... الآية) ولو بقرينة السياق ولا ريب في أنه لا مجال لاعتبار الملكية للفعل غير الراجح سواء أكان مرجوحا أم متساوي الطرفين ، إذ لا معنى لقولك ـ مثلا ـ : لزيد علي أن أصفقه أو أهتك حرمته أو أقف على قدمي ساعة ، أو غير ذلك مما كان مبغوضاً لزيد أو غير محبوب له. ومنه يظهر أنه لا بد في صحة النذر من كون المنذور راجحاً في نظر الشارع الأقدس هذا مضافا إلى بعض النصوص الدالة على اعتبار ذلك بالخصوص ومنه يظهر الإشكال في صحة نذر الإحرام قبل الميقات والصوم الواجب في السفر للإجماع على عدم انعقاد الإحرام المذكور وبه استفاضت النصوص كما استفاضت على بطلان الصوم الواجب في السفر الّذي هو المعروف من المذهب فان ذلك كاشف عن عدم الرجحان الموجب لفساد النذر فلا بد في رفع