ولكنه يُشكل بأنه ليس لها هاهنا مفهوم ولو سلم أن أمثالها ظاهرة في المفهوم لأن التعليل بإصابة القوم بالجهالة المشترك بين المفهوم والمنطوق يكون قرينة على أنه ليس لها مفهوم. ولا يخفى أن الإشكال إنما يبتني على كون الجهالة
______________________________________________________
المفهوم حينئذ عدم حكم المنطوق ولو في غير ذلك الموضوع فيكون المفهوم في المقام عدم وجوب التبين ولو عن غير الفاسق إذا لم يوجد خبر الفاسق وهو المطلوب (وفيه) أن التعرية عن خصوصية الشرط وان كانت مسلمة لكن خصوصية الشرط في المقام وجود الموضوع وتعريته عن وجود الموضوع لا يقتضي تعريته عن نفس الموضوع مثلا إذا قيل إذا وُجد لك ولد فاختنه ، فالضمير في الجزاء راجع إلى وجوده حينئذ فتعرية الحكم عن وجود الولد لا يقتضي تعريته عن نفس الولد ولذا كان المفهوم : إذا لم يوجد لك ولد فلا يجب ختانه ، فالضمير راجع إلى ولده لا إلى مطلق الولد فكذا في المقام ولا وجه حينئذ لظهور الآية في عدم وجوب التبين عن مطلق الخبر. هذا لو أراد المصنف (ره) دعوى الدلالة من جهة أداة الشرط وأما لو أراد دعوى الدلالة من جهة أخرى فقد عرفتها وعرفت ما فيها ولعله إلى بعض ما ذكرنا أشار بقوله : فتدبر ، (١) (قوله : ولكنه يشكل بأنه ليس) هذا الإشكال الثاني من الإشكالين اللذين زعم شيخنا الأعظم في رسائله عدم إمكان الذب عنهما (يعني عدم إمكان دفعهما) وحاصله : أنه لو سلم كون القضية المذكورة في نفسها ظاهرة في المفهوم فهي لما كانت معللة بعدم إصابة القوم بالجهالة المستفاد من قوله تعالى : أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ، دلت على أن الوجه في وجوب التبين هو إصابة قوم بجهالة والوقوع في خلاف الواقع ، ومن المعلوم أن هذا المانع لا يختص بخبر الفاسق فان خبر العادل مثله أيضا فيدل التعليل على المنع عن العمل بخبر العادل ، وحينئذ يقع التعارض بين المفهوم المقتضي لجواز العمل يخبر العادل والتعليل المانع عنه ، ولا ريب في كون التعليل مقدما على المعلل لكونه حاكما عليه فقد يرفع به اليد عن عمومه كما في أكرم العلماء لأنهم عدول ، أو عن خصوصه كما في قوله : أكرم زيدا لأنه عادل