ضرورة ان القطع بالحسن أو القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات التي بها يكون الحسن والقبح عقلا ولا ملاكا للمحبوبية والمبغوضية شرعاً ضرورة عدم تغير الفعل عما هو عليه من المبغوضية والمحبوبية للمولى بسبب قطع العبد بكونه محبوباً أو مبغوضاً له فقتل ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضاً له ولو اعتقد العبد بأنه عدوه وكذا قتل عدوه مع القطع بأنه ابنه لا يخرج عن كونه محبوباً أبداً. هذا مع أن الفعل المتجري به أو المنقاد به ـ بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب ـ لا يكون اختياريا فان القاطع لا يقصده إلّا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الآلي بل لا يكون غالباً بهذا العنوان مما يلتفت إليه فكيف يكون من جهات الحسن أو القبح عقلا ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعاً؟ ولا يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلّا إذا كانت اختيارية «ان قلت» : إذا لم يكن الفعل كذلك فلا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفة القطع وهل كان العقاب عليها الا عقاباً على ما ليس بالاختيار؟ «قلت» : العقاب انما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان لا على الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار «إن قلت» :
______________________________________________________
تعرض في هذا الكلام لبقية الاحتمالات وانه ان كان النزاع في قبح الفعل عقلا وحرمته شرعاً فالمختار انه ليس قبيحا ولا حراما بل هو على ما هو عليه من الحسن أو القبح أو الوجوب أو الحرمة واقعا (١) (قوله : ضرورة ان القطع بالحسن) يعني ما يمكن أن يُدّعى كونه منشأ للقبح أو الحرمة ليس إلّا تعلق القطع به الموجب لطروء عنوان مقطوع والمبغوضية عليه ، ولا ريب في أن هذا العنوان لا يصلح ان يكون منشأ لذلك والوجدان شاهد به إذ القطع بالقبح لا يكون في نظر العقل من العناوين المقبِّحة أو مما يوجب المبغوضية للمولى وكذا القطع بالحسن لا يكون في نظر العقل من العناوين المحسنة أو مما يوجب المحبوبية للمولى فكيف يُدعى حينئذ كون الفعل المتجري به قبيحاً أو محرماً (٢) (قوله : مع أن الفعل المتجري به) هذا