وجه آخر لمنع قبح الفعل وحرمته وحاصله أنه لو سلمنا ان عنوان مقطوع المبغوضية من العناوين الموجبة للقبح أو المبغوضية إلّا انه في المقام لا يصلح لذلك لكونه غير اختياري للفاعل المتجري لأنه في مقام الفعل انما يقصد الفعل بالعنوان الّذي قطع به فيأتي به بعنوان كونه شرباً للخمر ولا يقصد الإتيان به بعنوان كونه شرباً للخمر المقطوع بمبغوضيته بل قد لا يكون ملتفتاً إلى ذلك فضلا عن أن يكون قاصداً له وإذا لم يكن اختيارياً كيف يكون قبيحاً عقلا أو محرماً شرعاً وكل منهما مشروط بالاختيار؟ «فان قلت» : قد اعترف المصنف (ره) بان الفعل على ما هو عليه من الحسن أو القبح أو الوجوب أو الحرمة مع انه لا يكون مقصوداً له بل مغفول عنه فلا يكون اختياريا «قلت» : مراده من ذلك أنه حسن أو قبيح شأناً لا فعلا وكذا كونه واجباً أو حراماً وإلّا فاشتراط الاختيار في فعلية الوجوب والحرمة وغيرهما من الأحكام التكليفية ضروري (فان قلت) : سلمنا أنه ليس باختياري بما هو مقطوع المبغوضية لكنه اختياري بما هو تجر فيكون قبيحاً فعلا أو محرماً كذلك بذلك العنوان (قلت) : ليس هو باختياري بعنوان التجري أيضا لأن التجري الّذي قصده هو التجري بالمعنى الأخص وهو المعصية وهو غير حاصل لفرض خطأ القطع وعدم مصادفته للواقع وما وقع منه وهو التجري بالمعنى الأعم الحاصل عند خطأ القطع غير مقصود فلا يكون عنوان التجري أيضا اختيارياً لأن ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع. ومن هنا يظهر أن الفعل المتجري به لا يكون اختيارياً بكل عنوان يفرض كذا ذكر المصنف (ره) في الحاشية (أقول) : لم يظهر الفرق بين عنوان مقطوع المبغوضية وعنوان التجري حيث التزم ان الفاعل لا يقصد الأول ولذا لا يكون اختياريا وانه يقصد الثاني وانما لا يكون اختيارياً من جهة قصد الخصوصية مع انهما من قبيل واحد داخلان تحت قصد الفاعل ـ مضافاً إلى أن الاختيار الّذي يكون شرطاً للإطاعة غير الاختيار الّذي يكون شرطاً للمعصية فان الأول بمعنى القصد والثاني يكفي فيه مجرد الالتفات ولذا ترى ان من قصد الذهاب إلى (بغداد) وعلم أنه إذا