وصل إليها يُجبر على شرب الخمر فإذا سافر إلى بغداد ملتفتاً إلى انه يُجبر على شرب الخمر فلما وصلها أجبر على شرب الخمر يكون عاصيا عن عمد واختيار وان لم يكن قاصداً لشرب الخمر أصلا بل كان كارها له. ولو علم أنه إذا وصل إلى بغداد أجبر على بذل ما له للفقراء فسافر إليها وأجبر على ذلك لا يعد مطيعاً حيث لم يقصد البذل فان كان الالتفات كافياً في قصد الاختيار الّذي يكون شرطاً في المعصية كان مجرد التفاته إلى انطباق عنوان المبغوضية على فعله كافياً في القبح والحرمة ولا يحتاج في ثبوتها إلى قصد كما يظهر من قوله : فان القاطع لا يقصد ... إلخ ومنه يظهر الإشكال فيما ذكره في الحاشية فان قصد الخصوصية بنحو وحدة المطلوب وان كان يضاد قصد العام لكنه لا يمنع من اختيارية العام فقصده للمعصية لا يمنع من التفاته إلى الجامع بينها وبين التجري المقابل لها وهو مطلق التجري وحينئذ يكون اختيارياً قبيحاً يحسن العقاب عليه ويشهد بما ذكرنا أنه لا يكاد يرتاب في أن من قصد أن يشرب الخمر الّذي في إناء زيد فشربه فصادف انه الخمر الّذي في إنائه يكون عاصياً في شرب الخمر مرتكباً له عن عمد واختيار ولا مجال للتشكيك فيه بما ذكر من أن ما قصده لم يقع وما وقع لم يقصده فلا يكون اختياريا وانما يصح ذلك فيما كان يعتبر فيه القصد كما في باب تخلف الشرط والوصف وباب تبعض الصفقة وما لو صلى خلف زيد فبان كونه عمراً ونحو ذلك بناء على كون المقصود فيها بنحو وحدة المطلوب «إذا عرفت هذا» فنقول : إن التجري الّذي هو الإقدام على المولى وإظهار الجرأة عليه له مراتب في الخارج (فتارة) لا يكون إلا مجرد العزم على المعصية بلا ارتكاب لشيء أصلا (وأخرى) يكون بارتكاب بعض المقدمات (وثالثة) يكون ـ مضافا إلى ذلك ـ بارتكاب نفس المعصية الاعتقادية ولا ريب في انطباق التجري على هذه المراتب وان كان التجري قبيحاً موجباً للعقاب كانت المراتب المذكورة كذلك فيترتب العقاب حينئذ على نفس الفعل الخارجي بما انه ينطبق عليه التجري الملتفت إليه ولا مقتضي للالتزام بالعقاب على خصوص العزم. ثم إنه قد تقدم في بعض مباحث مسألة الاجتماع ان