بالإضافة إلى الفعل من قبيل المقتضي ، فلا مجال حينئذ للإشكال «والتحقيق» في وجه المنع : انك قد عرفت في مبحث التجري أن منشأ انتزاع عنوان الإطاعة مما يمتنع أن يكون منشأ انتزاع عنوان موضوع الأمر المطاع لاختلافهما في الرتبة ، «فإذا قلت» : أمر زيد بالصلاة فصلى ، فالصلاة التي هي مدخول الباء التي هي عنوان المأمور به غير الصلاة الواقعة بعد الفاء مرتبة وإن اتحدت معها ذاتاً ، وعنوان الإطاعة انما ينتزع من الفعل في رتبة لاحقة للأمر وعنوان المأمور به انما ينتزع من الفعل في رتبة سابقة على الأمر ، وحينئذ إذا أمر زيد بالصلاة ثم أمر بإطاعة الأمر المذكور فالإطاعة التي تنشأ من الأمر الثاني غير إطاعة الأمر الأول التي صارت موضوعا للأمر الثاني ، فإذا انقاد زيد للأمر الثاني كان ذلك منه طاعة للأمر الثاني لا غير وليس طاعة للأمر الأول ، وحينئذ فيستحق ثوابا واحداً على إطاعة الأمر الثاني ولا يستحق ثوابا على إطاعة الأمر الأول ، كما أنه لو انقاد للأمر الأول غافلا عن الأمر الثاني استحق ثوابا على إطاعة الأمر الأول لا غير ، فإذا امتنع انطباق عنواني إطاعتي الأمرين على فعل خارجي واحد جاء الإشكال في الأمر بالإطاعة «أولا» من جهة انه نقض للغرض من الأمر الأول إذ الغرض منه أن يترتب عليه الفعل الخارجي وهذا ينافيه الغرض من الأمر الثاني لامتناع ترتب الفعل على الأمرين معاً «وثانياً» من جهة أنه إيقاع المكلف بما لا يقدر عليه إذ يمتنع على المكلف إطاعة كل من الأمرين إذ الأمر الثاني لما كان متعلقاً بإطاعة الأمر الأول فهو منوط بوجوده ، ومن المعلوم أن الأمر الأول في ظرف وجوده يبعث نحو إطاعته والأمر الثاني في ذلك الظرف يبعث نحو إطاعة نفسه ، فإذا امتنع تحقق الإطاعة لكل منهما كان الأمران موجبين لوقوع المكلف بغير المقدور ، وليس هذا من الترتب الّذي نقول بإمكانه. فتأمل «وثالثا» من جهة ان انبعاث المكلف بالأمر الثاني نحو إطاعة الأول إذا كان محالا لما عرفت من أن انبعاثه عن الأمر الثاني ينافي إطاعته للأمر الأول كيف يمكن أن يكون غرضاً للأمر الثاني فيكون الأمر الثاني بلا غرض وهو ممتنع (فان قلت) : قد ثبت في الشريعة