الاعتقادات لو أمكن من باب وجوب المعرفة لنفسها كمعرفة الواجب تعالى وصفاته أداءً لشكر بعض نعمائه ومعرفة أنبيائه فانهم وسائط نعمه وآلائه بل
______________________________________________________
بموجب (١) (قوله : كمعرفة الواجب تعالى) لا ريب ظاهراً في وجوب هذه المعارف وانما الخلاف في وجوبها عقلا أو شرعا ، فالمحكي عن العدلية الأول ، وعن الأشاعرة الثاني ، والخلاف في ذلك منهم مبني على الخلاف في ثبوت قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ، فعلى القول بها ـ كما هو مذهب الأولين ـ تكون واجبة عقلا لأن شكر المنعم ودفع الخوف عن النّفس واجبان وهما يتوقفان على المعرفة وما يتوقف عليه الواجب واجب ، وظاهر تقرير هذا الدليل كون وجوب المعرفة غيري ، والمصنف (ره) جعل وجوبها نفسياً بناء منه على كون المعرفة بنفسها شكراً ، فإذا كان الشكر واجباً عقلا لكونه حسنا بنفسه كانت المعرفة بنفسها واجبة لا أنها مقدمة لواجب ، ولذا قال في تعليل وجوبها : أداء لشكر بعض ... إلخ. نعم لو كان الشكر واجباً من باب وجوب دفع الضرر كان وجوبه غيره فيكون وجوب المعرفة حينئذ غيريا ، بل لو قلنا حينئذ بان وجوب دفع الضرر ليس عقلياً بل فطريا كان وجوبها فطريا غيريا لا عقلياً لا نفسياً ولا غيريا. والإنصاف يقتضي التأمل في وجوب الشكر لنفسه وان كان حصنا لأن حسنه لا يلازم وجوبه ، نعم هو واجب من باب وجوب دفع الضرر المحتمل فيكون وجوب المعرفة غيريا لا نفسياً. وأما كونه عقلياً أو فطريا فقد عرفت فيما سبق تحقيقه. فلاحظ. ثم إنه قد يتوهم كون وجوب المعرفة غيريا من جهة توقف الاعتقاد عليها ، لكنه انما يتم لو كان الاعتقاد واجباً تفصيلا مطلقاً غير مشروط بالمعرفة مع توقفه على المعرفة وقد عرفت الإشكال في الأول كما يمكن منع الثاني لإمكان تحقق الاعتقاد بلا معرفة غاية الأمر أنه تشريع محرم عقلا لكن تحريمه كذلك لا يقتضي وجوب المعرفة. نعم لو كان الواجب عقلا هو الاعتقاد عن معرفة كانت واجبة لغيرها لكنه أول الكلام (٢) (قوله : فانهم وسائط) يعني فتكون معرفتهم أداء للشكر الواجب