فصل
إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته لعدم نهوض حجة على أحدهما تفصيلا بعد نهوضها عليه إجمالا ففيه وجوه (الحكم) بالبراءة عقلا ونقلا لعموم النقل وحكم العقل بقبح المؤاخذة على خصوص الوجوب أو الحرمة للجهل به (ووجوب) الأخذ بأحدهما تعييناً أو تخييراً (والتخيير) بين الترك والفعل عقلا مع التوقف عن الحكم به رأساً أو مع الحكم عليه بالإباحة شرعا أوجهها الأخير لعدم الترجيح بين الفعل والترك وشمول مثل : «كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام» له
______________________________________________________
في غيرها ، ووجه ترجيح تلك الموارد على غيرها ظاهر (١) (قوله : لعموم النقل) مثل حديث الرفع وغيره مما استدل به على البراءة (٢) (قوله : للجهل به) الموجب لصدق عدم البيان الّذي هو موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان (٣) (قوله : ووجوب الأخذ) معطوف على الحكم بالبراءة فيكون هو الوجه الثاني (٤) (قوله : تعييناً) بان يأخذ باحتمال الحرمة فان دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ولغير ذلك (٥) (قوله : أو تخييراً) بان يتخير بين الأخذ باحتمال الوجوب فيلزمه الفعل والأخذ باحتمال الحرمة فيلزمه الترك ، وبذلك يفترق عن الوجه الثالث الّذي هو التخيير بين الفعل والترك فانه تخيير في العمل لا غير (٦) (قوله : أوجهها الأخير) وهو التخيير عقلا عملا والحكم بالإباحة شرعاً فالدعوى مركبة من أمرين (٧) (قوله : لعدم الترجيح) استدلال على الأمر الأول منهما ، وحاصله : ان في كل من الفعل والترك احتمال الموافقة والمخالفة إذ لو فعل احتمل الموافقة على تقدير الوجوب والمخالفة على تقدير الحرمة ولو ترك احتمل الموافقة على تقدير الحرمة والمخالفة على تقدير الوجوب وحيث تساوى الفعل والترك في ذلك يحكم العقل بالتخيير بينهما فان شاء فعل وان شاء ترك (٨) (قوله : وشمول مثل) استدلال على الأمر الثاني منهما يعني أن الرواية المذكورة لا تختص بمحتمل الحرمة والإباحة بل تشمل محتمل الحرمة والوجوب