فصل
لو شك في المكلف به مع العلم بالتكليف من الإيجاب أو التحريم فتارة لتردده بين المتباينين وأخرى بين الأقل والأكثر الارتباطيين فيقع الكلام في مقامين «المقام الأول» في دوران الأمر بين المتباينين. لا يخفى أن التكليف المعلوم بينهما مطلقا ـ ولو كانا فعل أمر وترك آخر ـ ان كان فعليا من جميع الجهات بان
______________________________________________________
(الدوران بين المتباينين)
(١) (قوله : بين المتباينين) تباين المكلف به (تارة) يكون بالذات كما لو علم إجمالا بوجوب عتق رقبة أو صيام شهرين (وأخرى) بالعرض كما لو علم إجمالا بوجوب القصر أو التمام ، فان القصر إنما يباين التمام بلحاظ أخذ بشرط لا في القصر وشرط شيء في التمام فلا ينطبق أحدهما على الآخر ، وهذا بخلاف الأقل والأكثر فان الأقل لا يباين الأكثر ، بل الأقل بعض الأكثر الموجب لكون وجوده عين وجود الأكثر. وان شئت قلت : لا بد في كل علم إجمالي قائم بالمتباينين من إمكان فرض قضيتين شرطيتين مقدم إحداهما أحد الأمرين وتاليها نقيض الآخر ومقدم ثانيتهما عين الآخر وتاليها نقيض مقدم الأولى كقولنا : إن كان العتق واجبا فليس الصيام واجبا ، وان كان الصيام واجبا فليس العتق واجبا ، وان كان القصر واجبا فليس التمام واجبا ، وان كان التمام واجبا فليس القصر واجبا ، ولا يصح فرضهما في الأقل والأكثر ، فلا يقال : إن كانت العشرة واجبة فليست التسعة واجبة لأن التسعة بعض العشرة فوجوب العشرة وجوب التسعة وزيادة. ثم إن المراد من القضية السلبية في التالي سلب المعلوم بالإجمال فلا ينافي احتمال فرد آخر غيره. فلاحظ (٢) (قوله : الارتباطيين) أما الأقل والأكثر الاستقلاليان فلا إجمال في المكلف به فيهما لأن الأقل معلوم التكليف به والزائد مشكوك التكليف بدواً (٣) (قوله : ولو كان فعل امر وترك) لا يخفى أنه إذا علم إجمالا بوجوب شيء وحرمة آخر فلا علم إجمالا