كالعلم التفصيليّ حتى يمتنع الترخيص الشرعي في مخالفته لكونه ترخيصا في المعصية قبيحا في نظر العقل كما أشار إليه في مبحث القطع. هذا وقد عرفت هناك ما فيه وأن العلم الإجمالي ليس سنخا غير سنخ العلم التفصيليّ ، بل كشفه وإراءته لمتعلقه كشف العلم التفصيليّ عنه ، بل هو هو غاية الأمر يشك في انطباقه على كل واحد من أطرافه على البدل ، وهو امر خارج عن متعلق العلم ، وقد يكون المعلوم بالتفصيل كذلك فيشك فيما علم وجوب إكرامه تفصيلا أنه عالم أو جاهل أو غني أو فقير ... إلى غير ذلك من العناوين المنطبقة عليه ، فكما لا يقدح ذلك في كشف العلم التفصيليّ عن متعلقه لا يقدح الشك في انطباق المعلوم بالإجمال في كشف العلم الإجمالي عن متعلقه كما هو ظاهر. نعم الشك المذكور يوجب كون كل واحد من الأطراف موضوعا لأدلة الأصول ، وهذا المقدار لا أثر له في عدم منجزية العلم لأن إعمال أدلة الأصول في كل واحد من الأطراف يتوقف على عدم المانع عقلا عنه فإذا كان العلم الإجمالي منجزاً لمتعلقه في نظر العقلاء منع ذلك من إعمال أدلة الأصول لأن إعمالها يكون ترخيصا في محتمل المعصية وهو قبيح عقلا. فالعمدة حينئذ هو إثبات هذه الجهة ، أعني كونه منجزا في نظر العقلاء محدثا بمجرد حدوثه للداعي العقلي نحو موافقته كما في العلم التفصيليّ فيكون ذلك مانعا عن إجراء الأصول في الأطراف ، وإلا فمجرد كون كل واحد من الأطراف مشمولا لأدلة الأصول لا أثر له في رفع منجزيته ، وقد عرفت فيما سبق أن إحداثه للداعي العقلي إلى موافقته مما لا مجال للريب فيه عند العقلاء ، إذ لا فرق عندهم في حدوث الداعي المذكور بين أن يسمع العبد مولاه يقول : أكرم هذا ، مشيراً إلى معين ، وبين أن يسمعه يقول : أكرم زيدا ، مع تردد زيد في نظر العبد بين شخصين معينين ، وكما ينبعث نحو موافقة العلم في الأول بمجرد حصوله ينبعث نحو موافقته في الثاني أيضا كذلك ولا يتوقف حدوث الداعي له على عدم ورود الترخيص في مخالفته بحيث يكون منتظراً لذلك ، بل لو سمع المولى يقول : لا تكرم هذا ولا ذلك لأنك لا تعرف كلا منهما أنه زيد ، عد ذلك منه مخالفا لقوله الأول مضادا له ، وأقل