عذراً في نظر العقل ، فما لم يعلم العقل بجعل البدل يرد الترخيص ، فإذا كانت صحة الترخيص في نظر العقل موقوفة على العلم بجعل البدل امتنع استكشاف جعل البدل من دليل الترخيص لأنه دور ، فانه على هذا يكون العلم بجعل البدل موقوفا على العلم بالترخيص ، وقد عرفت أن العلم بالترخيص موقوف على العلم بجعل البدل ، «وبالجملة» : احتمال جعل البدل لما لم يكن حجة على جعله ولا يصلح عذراً في نظر العقل كان اقتضاء العلم الإجمالي للموافقة القطعية بحاله فيكون الترخيص في بعض الأطراف ترخيصاً في محتمل المعصية الممتنع ، فلا يخرج الترخيص عن كونه ترخيصاً في محتمل المعصية حتى يكون جعل البدل معلوماً محرزاً فيمتنع استفادة العلم بجعل البدل من قبل دليل الترخيص. نعم لو فرض النص من الشارع الأقدس على جواز ارتكاب بعض أطراف الشبهة لا بد حينئذ من استفادة جعل البدل صونا لكلام الحكيم عن اللغوية ، لكن هذا ليس مما نحن فيه لأن الكلام في استفادة جعل البدل من نفس دليل الترخيص بحيث يكون مدلولا التزامياً له فانه موقوف على احتمال إرادة الترخيص ، وقد عرفت القطع بعدم إرادته لأنه ترخيص في المعصية والاستفادة في الفرض المذكور ليست من نفس الكلام الملقى إلى المكلف بل من قاعدة امتناع صدور اللغو من الحكيم. فتأمل في المقام فانه به حقيق ومنه سبحانه نستمد التوفيق (فان قلت) : لو نذر المكلف ان يتصدق بدرهم لو لم يكن مشغول الذّمّة لزيد بدرهم ، فانه يعلم إجمالا اما بوجوب دفع درهم لزيد وفاء لما في ذمته واما بوجوب الصدقة بدرهم ، ولا ريب في جريان استصحاب عدم اشتغال ذمته بدين لزيد ، وهذا الاستصحاب أصل ناف جار في بعض أطراف العلم وليس متعرضا لمقام الفراغ وجعل البدل فيكشف ذلك عن عدم وجوب الموافقة القطعية (قلت) : ما ذكرت من جريان الأصل المذكور مسلم وكذا عدم كونه من قبيل جعل البدل لأنه لا بد ان يكون بلسان تعيين المعلوم بالإجمال والأصل لا يفي بذلك إلّا بناء على الأصل المثبت ، والوجه في جريانه ـ مع انه أصل ناف للتكليف ـ ان من آثار موارده ثبوت التكليف في الطرف الآخر