المعلوم بينها من أول الأمر كان محدوداً بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقه فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوماً لاحتمال أن يكون هو المضطر إليه فيما كان الاضطرار إلى المعين أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين (لا يقال) : الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلّا كفقد بعضها فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان كذلك لا ينبغي الإشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجاً عن عهدة ما تنجز عليه قبل عروضه (فانه يقال) : حيث أن فقد المكلف به ليس من حدود التكليف به وقيوده كان التكليف المتعلق به مطلقا فإذا اشتغلت الذّمّة به كان قضية الاشتغال به يقيناً الفراغ عنه كذلك وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه فانه من حدود التكليف به وقيوده
______________________________________________________
كان إلى كل منهما إلا أنه على البدل فيكون هناك علم إجمالي على البدل قائم بالطرف الّذي لا ينطبق عليه الاضطرار فتأمل جيداً (١) (قوله : محدوداً بعدم) يعني مشروطاً بعدم طروء الاضطرار بحيث ينتهي التكليف بطروئه ، (٢) (قوله : حيث ان فقد المكلف به) المراد من المكلف به في المقام الموضوع الّذي يتعلق به فعل المكلف مثل الإناء النجس كما تقتضيه قرينة السؤال ووجه الفرق بين فقد بعض الأطراف والعجز عنه والاضطرار إليه مع اشتراكها في كون عدمها دخيلا في التكليف في الجملة ـ بحيث ربما يقال يعتبر في التكليف عدم الاضطرار والقدرة وكون موضوعه في مقام الابتلاء بحيث يكون موجودا لا مفقوداً ـ أن مقام شرطية هذه الأمور الثلاثة للتكليف مختلفة فان شرطية عدم الاضطرار راجعة إلى شرطية عدم المزاحم للمصلحة المقتضية للحكم ، فان المفسدة في النجس مثلا إنما تصلح للتأثير في حرمة شربه إذا لم تزاحم بمصلحة أهم كما لو توقف حفظ النّفس من الهلاك على شرب النجس الّذي هو معنى الاضطرار إليه أما إذا زوحمت بها كان شرب النجس أرجح من عدمه ، وشرطية القدرة راجعة إلى شرطية عدم المانع من تعلق الإرادة