الاحتياط في الشبهة البدوية فافهم وتأمل فانه دقيق جداً (الثاني) انه لما كان [١] النهي عن الشيء إنما هو لأجل أن يصير داعياً للمكلف نحو تركه لو لم يكن له داع آخر ولا يكاد يكون ذلك إلا فيما يمكن عادة ابتلاؤه به وأما ما لا ابتلاء به بحسبها فليس للنهي عنه موقع أصلا ضرورة أنه بلا فائدة ولا طائل بل يكون من قبيل طلب الحاصل كان الابتلاء بجميع الأطراف مما لا بد منه في تأثير العلم فانه بدونه لا علم بتكليف فعلي لاحتمال تعلق الخطاب بما لا ابتلاء به ومنه قد انقدح
______________________________________________________
الفقدان من موانع الاشتغال فلا يكون الاشتغال الا قبله فهو من حدود الاشتغال وان لم يكن من حدود نفس التكليف كالاضطرار (١) (قوله : داعيا للمكلف) يعني داعيا عقليا بحيث يكون عدمه أرجح من وجوده في نظره لما يترتب على الوجود من استحقاق العقاب (٢) (قوله : يكون ذلك) يعني صيرورته داعيا (٣) (قوله : بحسبها) أي بحسب العادة (٤) (قوله : طلب الحاصل) لحصول الغرض وهو عدم المفسدة (٥) (قوله : كان الابتلاء بجميع الأطراف) هذا جواب (لما) في قوله : لما كان النهي. وحاصل المراد : انه يعتبر في صحة النهي عن شيء كونه في معرض ابتلاء المكلف إذ لو لم يكن كذلك كان تركه مستنداً إلى عدم حصول الداعي إلى فعله فلا مجال للنهي عنه لأنه من قبيل تحصيل الحاصل ، وحينئذ إذا كان بعض أطراف المعلوم بالإجمال خارجا عن محل الابتلاء لا يكون ذلك العلم الإجمالي منجزاً وموجباً للاحتياط فيما هو محل الابتلاء من الأطراف لاحتمال كون المعلوم منطبقا على ما هو خارج عن محل الابتلاء فلا يكون التكليف به فعليا. وتوضيح الحال : ان موضوع التكليف (تارة) يكون في معرض الابتلاء للمكلف فيحسن ان يخاطب بالاجتناب عنه مطلقا كما في بعض أواني المكلف التي
__________________
[١] كما انه إذا كان فعل الشيء الّذي كان متعلقا لغرض المولى مما لا يكاد عادة ان يتركه العبد وان لا يكون له داع إليه لم يكن لأمر به والبعث إليه موقع أصلا كما لا يخفى. منه قدسسره