فالظاهر أن الضرر هو ما يقابل النّفع من النقص في النّفس أو الطرف أو العرض أو المال تقابل العدم والملكة ، كما ان الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر جيء به تأكيدا كما يشهد به إطلاق المضار على سمرة ، وحكي عن النهاية لا فعل الاثنين وان كان هو الأصل في باب المفاعلة ولا الجزاء على الضرر لعدم تعاهده من باب المفاعلة
______________________________________________________
تقرب دعوى التواتر فيها (١) (قوله : تقابل العدم والملكة) يعني أن النّفع عبارة عن وجود شيء لشيء وعدمه عما ينبغي ان يكون له ضرر فالبصر للإنسان مثلا نفع والعمى ضرر ووجود المال لزيد مثلا نفع وعدمه عنه ضرر فالضرر عدم النّفع عما من شأنه ان يكون ذا نفع. هذا ولا يخفى أن ذلك خلاف المتفاهم عرفا فان المتفاهم منهما ان الضرر عبارة عن النقص عن المرتبة التي ينبغي ان يكون عليها الموضوع والنّفع عبارة عن الزيادة على تلك المرتبة وعليه فيكون لهما ضد ثالث وهو التمام حيث يكون الشيء بلا نقص ولا زيادة ، فوجود البصر للإنسان ليس نفعا بل كمال له وعدمه عنه نقص ، وكونه بحيث يبصر من خلفه مثلا نفع فتقابل العدم والملكة انما هو بين الضرر والتمام لا بين النّفع والضرر (٢) (قوله : ان يكون الضرار بمعنى الضرر) قد عرفت أن الضرر بمعنى النقص فيكون من قبيل حاصل المصدر نظير الوجع والألم ونحوهما وليس معنى الضرار ذلك قطعا ، بل معناه ـ كما يشهد به تتبع موارد استعماله مثل قوله تعالى : (والذين اتخذوا مسجداً ضرار ، وقوله تعالى : (ولا يضار كاتب ولا شهيد) وقوله : (لا تضار والدة بولدها) وقوله تعالى : (ولا تمسكوهن ضراراً) وقوله صلىاللهعليهوآله لسمرة : انك رجل مضار ، وقول الصادق عليهالسلام في خبر الغنوي : هذا الضرار ـ هو السعي في إيصال الضرر كما هو الظاهر من مثل قاتله وضاربه وخادعه ، وان كان الظاهر من القاموس كون ضره وضرَّ به وأضره وضاره بمعنى ، وكيف كان فهو غير الضرر فمعنى (لا ضرر) نفي نفس الضرر ، ومعنى «لا ضرار» نفي الإضرار وليس أحدهما عين الآخر حتى يكون تأكيداً له (٣) (قوله : وان كان هو الأصل في باب المفاعلة) كما هو المشهور بين أهل العربية لكن رب مشهور لا أصل له