وبالجملة لم يثبت له معنى آخر غير الضرر كما أن الظاهر أن يكون (لا) لنفي الحقيقة كما هو الأصل في هذا التركيب حقيقة أو ادعاء كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل :
______________________________________________________
وكيف يصح دعوى أن قاتل زيد عمراً بمعنى تقاتل زيد وعمرو مع ان زيدا في المثال الأول فاعل وعمراً مفعول ، وكل منهما فاعل في المثال الثاني ، وكأن الوجه في توهم ذلك صدق نسبة المفاعلة إلى المفعول في بعض الموارد غالبا كباب المقاتلة والمضاربة والمطاردة والمراهنة والمعاطاة ونحوها بحيث إذا صح قاتل زيد عمراً صح غالبا قاتل عمرو زيداً وكذا في بقية الأمثلة فأوجب ذلك توهم دخوله في معنى المفاعلة مع ان هذا المقدار لا يقتضي ذلك ولا سيما وكون أكثر موارد استعمال الصيغة المذكورة مما لا يصح فيه النسبة من الطرفين ، بل قد لا تصدق في الموارد المذكورة إذا أمكن قيام الفعل بواحد والأمر سهل (١) (قوله : الظاهر ان تكون لا لنفي الحقيقة) لا ريب في أن الأصل في كلمة (لا) أن تكون لنفي حقيقة مدخولها ، وحيث تعذر حملها على ذلك في المقام فلا بد من التصرف فيها بحملها على ما هو اقرب إليه من المعاني المجازية ، فيدور الأمر بدواً بين معان (الأول) نفي الحقيقة ادعاء بلحاظ نفي الخواصّ والآثار ، كما هي كذلك في مثل قوله عليهالسلام : لا صلاة إلّا بطهور «الثاني» نفي نوع من الحقيقة حقيقة وهو خصوص الضرر الآتي من قبل الحكم الشرعي فانه مما يمكن نفيه حقيقة بنفي سببه وهو الحكم «الثالث» نفي نوع منها حقيقة وهو الضرر غير المتدارك فيستكشف منه أن كل ضرر متدارك بجعل الشارع للضمان أو للخيار أو غيرهما (الرابع) جعل مدخولها هو الحكم على نحو المجاز في الحذف أو في الكلمة باستعمال لفظ الضرر في الحكم المؤدي إليه بعلاقة السببية «الخامس» جعلها ناهية بأن يكون المقصود من نفي الضرر في الخارج الزجر عنه واحداث الداعي إلى عدمه كما هو ظاهر في قوله تعالى : (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) ولا فرق في احتمال هذه المعاني بين كون الكلام خبراً