على طبقه جزماً وكونه موجباً لتنجز التكليف الفعلي فيما أصاب باستحقاق الذم والعقاب على مخالفته وعذراً فيما أخطأ قصوراً ، وتأثيره في ذلك لازم وصريح الوجدان به شاهد وحاكم فلا حاجة إلى مزيد بيان وإقامة برهان. ولا يخفى أن ذلك لا يكون بجعل جاعل
______________________________________________________
القطع طريقاً إلى الواقع الّذي تعلق به كاشفا عنه في نظر القاطع بحيث يرى أنه يرى الواقع كما لا ينبغي الريب في ان عقله حينئذ يحكم بحسن عقابه على تقدير مخالفة قطعه لو كان قد قطع بوجوب شيء أو حرمته كما يحكم بقبح عقابه على تقدير موافقته لو كان قد قطع بحرمة شيء فتركه أو بوجوب شيء ففعله وهذا الأثر مترتب على الأثر السابق أعني طريقيته ومنه ينتزع عنوان التنجز والعذر فيقال : القطع منجِّز أو عذر. وهناك أثر آخر وهو الانزجار والانبعاث عن الفعل أو إليه وهو المعبر عنه بالعمل على وفق القطع ومتابعته وهذا الأثر مترتب على الثاني وهذه الآثار الثلاثة مختلفة فالأوّل ذاتي والثاني عقلي والثالث فطري جبلي لا يتوقف على القول بالتحسين والتقبيح العقليين بل هو بمناط لزوم دفع الضرر المقطوع به المسلم بين القائلين بالحسن والقبح العقليين وغيرهم ولا مجال فيه للريب من أحدكما هو ظاهر بأدنى تأمل إذ لا تكاد ترى من أحد من العقلاء والمجانين والأطفال والحيوانات ممن له أدنى إدراك للضرر أن يوقع نفسه فيما يدرك أنه ضرر فترى الحيوانات والطيور تفر عن سباعها ، فالمكلَّف إذا قطع بالحكم أو أدرك عقله حسن العقاب على مخالفة القطع انقاد بحسب طبعه وجبلته إلى القطع وتابعة وجرى على مقتضاه ومنه يظهر الإشكال في كلام المصنف (ره) من جهة ظهوره في كون وجوب العمل على وفق القطع من الأحكام العقلية إلا أن يكون المقصود أنه مما يحكم به العقل وإن كان فطرياً أيضا فانه لا ريب فيه بناء على الحسن والقبح العقليين كما هو التحقيق وهو عين حكمه بوجوب الإطاعة وحرمة المعصية (١) (قوله : ولا يخفى أن ذلك لا يكون ... إلخ) بعد ما عرفت من ان القطع له آثار مترتبة تعرف