مع أن المبغوضية متأخرة عن المحبوبية تأخر الحلية الظاهرية عن الحرمة الواقعية ، فإذا لم يكن اختلاف الرتبة كافياً هناك في جواز اجتماع المحبوبية والمبغوضية لم يكن كافياً هنا أيضا. ولعل هذا هو مقصود المصنف (ره) ، وان كان بعيداً جداً «وهذه» الوجوه كلها كما ترى لا ترفع غائلة الاجتماع بلا ورود إشكال «والأحق» ما ذكره بعض المحققين من مشايخنا المعاصرين دام تأييده «وتوضيحه» : أن تضاد الأحكام التكليفية الحقيقية إنما هو من جهة تنافي الإرادة والكراهة والرضا التي هي المعيار في كون الحكم التكليفي حكما حقيقياً لا صورياً ، بل قد عرفت في مبحث الاجتماع أن الوجه في التنافي بين الأمور المذكورة تنافي مباديها أيضاً أعني ترجح الوجود على العدم أو ترجح العدم على الوجود وتساويهما في نظر المولى إذ من المعلوم بالبديهة أن الشيء الواحد بما هو واحد لا يقبل أن يكون وجوده أرجح من عدمه وعدمه أرجح من وجوده ، أما إذا كان للشيء الواحد جهات من الوجود فيمكن أن يكون وجوده أرجح من عدمه بلحاظ جهة وعدمه أرجح من وجوده بلحاظ جهة أخرى ، ولا يكون تناف بين الترجحين المذكورين من جهة اختلاف الجهة ، فالوجود الواحد إذا كان له مقدمات متعددة تتعدد جهاته بتعدد تلك المقدمات إذ حيثية وجوده من قبل مقدمة بعينها غير حيثيته من قبل المقدمة الأخرى ، كما أن المركب الواحد ذي الاجزاء المتعددة بلحاظ اجزائه المتعددة تتعدد جهات وجوده ، فيصح أن يكون وجوده من قبل بعض الاجزاء بعينه أرجح من عدمه ووجوده من قبل البعض الآخر مرجوح لعدمه ، فالمركب المذكور إذا كان وجوده راجحا من جميع الجهات تحدث إرادة في نفس الفاعل متعلقة بتمام جهات الوجود المذكور فتبعث إلى فعل تمام أجزائه ، وإذا كان راجحاً من بعض الجهات دون بعض تحدث الإرادة متعلقة بذلك البعض فتبعث إلى فعل بعض الأجزاء دون بعض ، بل ربما يكون الوجود من جهة البعض الآخر مرجوحا فيكون موضوعا للكراهة فتجتمع الإرادة والكراهة في موضوع واحد من جهتين ، مثلا البيت المركب