اجتماع الضدين اعتقادا مطلقاً وحقيقة في صورة الإصابة كما لا يخفى. ثم لا يذهب عليك أن التكليف ما لم يبلغ مرتبة البعث والزجر لم يصر فعلياً وما لم يصر فعليا لم يكد يبلغ مرتبة التنجز واستحقاق العقوبة على المخالفة وإن كان ربما يوجب موافقته استحقاق المثوبة وذلك لأن الحكم ما لم يبلغ تلك المرتبة لم يكن حقيقة بأمر ولا نهي ولا مخالفته عن عمد بعصيان ، بل كان مما سكت الله عنه
______________________________________________________
مقتضيا لها بحيث يكون ترتبها عليه مشروطاً بوجود شرط أو فقد مانع (الثالث) أن لا يكون فيه ذلك الاقتضاء أصلا وقد أبطل الثالث بما عرفت وهنا إشارة إلى بطلان الثاني ، وانه لا يتوقف اتصافه بالحجية على عدم الردع لكون الردع مانعاً عن الحجية وان ادعى ذلك بعض ، ووجه بطلانه ما أشير إليه من أن ترتب الآثار المذكورة على القطع بلا حالة منتظرة فتترتب على وجود القطع بمجرد حصوله وان جاء الرادع فكيف يمكن نفيها بالردع (١) (قوله : اجتماع الضدين) هما الحكم المقطوع ومفاد الدليل الرادع مثلا : إذا قطع بحرمة شيء فالدليل الرادع عن القطع يقتضي جوازه والحرمة والجواز ضدان لما ذكرنا في مسألة الاجتماع من وجه تضاد الأحكام (٢) (قوله : اعتقاداً) يعني اعتقاد القاطع (٣) (قوله : مطلقا) يعني سواء أصاب القطع أم أخطأ فان القاطع حيث أنه يرى قطعه مصيباً يعتقد أن مولاه جعل حكمين متضادين لموضوع واحد وان لم يكن في الواقع كذلك كما إذا كان قطعه خطأ إذ لا حكم واقعي حينئذ بل الحكم منحصر بمفاد الرادع فلا يكون جمع بين ضدين حقيقة وواقعاً إلا في صورة إصابة القطع (٤) (قوله : ثم لا يذهب عليك) هذا تفصيل ما أجمله سابقاً بقوله : وخصصنا بالفعلي لاختصاصها ... إلخ وملخص ما ذكر أن الحكم له مراتب كما سنشير إليها فيما يأتي إن شاء الله وهي مرتبة الاقتضاء والإنشاء والفعلية والتنجز والمراد من كونه فعلياً كونه بحيث يصح كونه باعثاً وزاجراً للمكلف فما لم يبلغ هذه المرتبة لا يكون فعلياً كما انه إذا لم يكن فعلياً لم يبلغ مرتبة التنجز لتأخر تلك المرتبة عن الفعلية لأنها منتزعة من