الأصل فيما لا يُعلم اعتباره بالخصوص شرعاً ولا يُحرز التعبد به واقعا عدم حجيته جزما بمعنى عدم ترتب الآثار المرغوبة من الحجة عليه قطعاً فانها لا تكاد تترتب إلا على ما اتصف بالحجية فعلا ولا يكاد يكون الاتصاف بها إلّا إذا أحرز التعبد به وجعله طريقا متبعاً ، ضرورة أنه بدونه لا يصح المؤاخذة على مخالفة التكليف
______________________________________________________
ترتب ذلك على العلم بها كون التعبد بقصد حفظ الوجود بجعل الحجة ، فلو لم يكن كذلك لم يترتب على العلم بها أثر ، ومن هنا يظهر أنه لا مجال للبحث عن مناط المنجزية في الحجج الشرعية وإطالة الكلام فيه فان المؤمنية والعذرية من آثار الترخيص بوجوده العلمي ، كما أن المنجزية من آثار الاهتمام بالواقع الموجب لإقامة الحجة عليه في حال الجهل بوجوده العلمي ، وظني أن ما ذكرنا كله واضح جدا بأدنى تأمل فتأمل فان المقام به حقيق ومنه سبحانه نستمد العناية والتوفيق والحمد لله رب العالمين (١) (قوله : الأصل فيما لا يعلم اعتباره) المراد بالأصل في المقام القاعدة لا الأصل المقابل للدليل (٢) (قوله : عدم حجيته جزما) الحجية صفة اعتبارية عبارة عن صلاحية الشيء للاحتجاج به فالحجة هو ما يصح ان يحتج به المولى على عبده فيقطع به عذره والعبد على مولاه فيكون به معذوراً ، ومن لوازمها التي لا تنفك عنها أمران ، المنجزية المنتزعة من حكم العقل بحسن العقاب على المخالفة ، والمؤمنية المنتزعة من حكمه بقبح العقاب ، ومن المعلوم أن الأثرين المذكورين يترتبان على العلم بالاعتبار عند المولى لا على الاعتبار الواقعي حينئذ فإذا شك في اعتبار شيء عند المولى لم يترتب عليه شيء من الأثرين المذكورين ، ومن هنا يكون مشكوك الاعتبار شرعاً مما ليس بحجة عقلا بحيث يعلم بعدم ترتب الأثرين المذكورين عليه أصلا ، فالحجية العقلية مما لا يمكن أن تكون مشكوكة (٣) (قوله : الآثار المرغوبة) يعني خصوص الأثرين في قبال غيرهما مما يأتي بيانه (٤) (قوله : بالحجية فعلا) يعني الحجية العقلية (٥) (قوله : وجعله) معطوف على التعبد (٦) (قوله : بدونه) الضمير راجع إلى الإحراز