بين المشتركين إلّا باتفاقهما فيما اشتراكا فيه ، وبرهان ذلك أن أموالنا ملك لنا وملك لله تعالى بإجماع منا ومنهم ، وليس ذلك بموجب أن نكون شركاء فيها ، لاختلاف جهات الملك عنا ولأنا قلنا : إن الله عزوجل إنما هو مالك لها مخلوقة له ، وهو مصرفنا فيها وناقلها كيف شاء ، وهي ملكنا لأنها كسب لنا ، وملزمون حكمها ومباح لنا التصرف فيها بالوجه الذي أباحه الله عزوجل لنا ، وأيضا نحن عالمون بأن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عالم بذلك ، وليس ذلك موجبا لأن نكون شركاءه في ذلك العلم ، لاختلاف الأمر في ذلك ، لأن علمنا عرض محمول فينا وهو غيرنا ، وعلم الله تعالى ليس هو غيره ، ومثل هذا كثير جدا لا يحصى إلا في دهر طويل ، بل لا يحصيه مفصلا إلا الله تعالى وحده لا شريك له ، فكيف ولم يجب الاشتراك البتة بين الله تعالى وبيننا عندهم في هذه الوجوه كلها؟ ولا وجب أن يكون شركاؤه في شيء ليس للاشتراك البتة فيه مدخل ، وهو خلقه تعالى لأفعالنا فهو فاعل لها بمعنى مخترع لها ونحن فاعلون لها بمعنى أنها ظاهرة منّا محمولة فينا ، وهذا خلاف فعل الله تعالى لها.
وقد قال بعض أصحابنا بأن الأفعال لله تعالى من جهة الخلق ، وهي لنا من جهة الكسب.
قال أبو محمد : وقد تذاكرت هذا مع شيخ طرابلسي يكنى أبا الحسن معتزلي فقال لي : وللأفعال جهات ، وزاد بعضهم فقال أو ليست أعراضا ، والعرض لا يحمل العرض ، والصفة لا تحمل الصفة؟
قال أبو محمد : وهذا جهل من قائله ، وقضية فاسدة من أهذار المتكلمين ومشاغبهم ، وقول يرده القرآن والمعقول وإجماع من أهل اللغة والمشاهدة فأمّا القرآن فإن الله تعالى يقول (عَذابٌ عَظِيمٌ) [سورة النحل : ٩٤] و (عَذابٌ أَلِيمٌ) [سورة الشورى : ٢١]. و (لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) [سورة السجدة : ٢١].
وقال تعالى (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [سورة الأعراف : ١١٦].
وقال تعالى (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) [سورة آل عمران : ٣٧].
وقال تعالى (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) [سورة النساء : ٧٦].
وقال تعالى (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) [سورة نوح : ٢٢].
وقال (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) [سورة يوسف : ٢٨].
وقال تعالى (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) [سورة البقرة : ٦٩].
وقال تعالى (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) [سورة آل عمران : ١١٨].