وأقسامه ، وحركتنا وسكوننا ، بجميع كل ذلك مع كل حركة في العالم وسكون في العالم نوع الحركة ونوع السكون ، ثم ينقسم كل ذلك قسمين ولا مزيد حركة اضطرارية وحركة اختيارية ، وسكونا اختياريا وسكونا اضطراريا ، وكل ذلك حركة تحدّ بحدّ الحركة ، وسكون يحدّ بحدّ السكون ، ومحال أن بعض الحركات مخلوق لله ـ عزوجل ـ وبعضها غير مخلوق ، وكذلك السكون أيضا.
فإن لجئوا إلى قول معمر في أن هذه الأعراض كلها فعل من ظهرت منه بطباع ذلك الشيء ، سهل أمرهم بعون الله ـ عزوجل ـ وذلك أنهم إذا أقروا أن الله ـ تعالى ـ خالق المطبوعات ، ومرتب الطبيعة على ما هي عليه ، فهو تعالى خالق ما ظهر منها ، لأنه تعالى هو رتب كونه فظهوره على ما هو عليه رتبة لا توجد بخلافها ، وهذا هو الحق بعينه ولكنهم قوم لا يعلمون ، كالمتسكّع في الظلمات كما قال ـ تعالى ـ (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) [سورة البقرة : ٢٠]. نعوذ بالله ـ تعالى من الخذلان.
وأيضا فإن نوع الحركات موجود قبل خلق الإنسان فمن المحال البيّن أن يخلق المرء ما كان نوعه موجودا قبله ، وأيضا فإن عمدتهم في الاحتجاج على القائلين بأن العالم لم يزل ، إنما هي مقارنة الأعراض للجواهر ، وظهور الحركات ملازمة المتحرك بها ، فإذا كان ذلك دليلا باهرا على حدوث الجواهر وأن الله تعالى خلقها ، فما المانع أن يكون دليلا باهرا على حدوث الأعراض وأن الله تعالى خلقها ...؟؟ لو لا ضعف عقول القدرية وقلة علمهم ـ نعوذ بالله تعالى ـ مما امتحنهم به ونسأله التوفيق لا إله إلا هو.
وأيضا فإن الله تعالى قال (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) [سورة المؤمنون : ٩١].
فأثبت ـ تعالى ـ أن من خلق شيئا هو له إله ، فلزمهم بالضرورة أنهم آلهة لأفعالهم التي خلقوها ، وهذا كفر مجرد إن طردوه ، وإلا لزمهم الانقطاع وترك قولهم الفاسد ، وأيضا فإن من خلق شيئا لم يعنه عليه غيره لكن انفرد بخلقه فبالضرورة نعلم أنه يصرف ما خلق كما شاء ، كما يفعله إذا شاء ، ويتركه إذا شاء ، ويفعله حسنا إذا شاء ، وقبيحا إذا شاء ، فإذ هم خلقوا حركاتهم وإرادتهم منفردين بخلقها فليظهروها إلى أبصارنا حتى نراها أو نلمسها أو ليزيدوا في قدرها أو ليخالفوها عن رتبتها.
فإن قالوا : لا نقدر على ذلك ، فليعلموا أنهم كاذبون في دعواهم خلقها لأنفسهم.