اعتراضات للمرجئة والطبقات الثلاث المذكورة
قال أبو محمد : إن قال قائل : أليس الكفر ضدّ الإيمان؟
قلنا وبالله تعالى التوفيق : إطلاق هذا القول خطأ لأن الإيمان اسم مشترك يقع على معان شتى كما ذكرنا.
فمن تلك المعاني شيء يكون الكفر ضدا له.
ومنها ما يكون الفسق ضدا له لا الكفر.
ومنها ما يكون الترك ضدا له لا الكفر ولا الفسق.
فأما الإيمان الذي يكون الكفر ضدا له فهو العقد بالقلب والإقرار باللسان فإن الكفر ضدّ لهذا الإيمان.
وأما الإيمان الذي يكون الفسق ضدا له لا الكفر فهو ما كان من الأعمال فرضا فإن تركه ضدّ للعمل وهو فسق لا كفر.
وأما الإيمان الذي يكون الترك له ضدا فهو كل ما كان من الأعمال تطوعا فإن تركه ضدّ العمل به وليس فسقا ولا كفرا.
برهان ذلك ما ذكرناه من ورود النصوص بتسمية الله عزوجل أعمال البر كلها إيمانا وتسميته تعالى ما سمي كفرا وما سمي فسقا وما سمي معصية وما سمي إباحة لا معصية ولا كفرا ولا إيمانا.
وقد قلنا إن التسمية لله عزوجل لا لأحد غيره.
فإن قال قائل منهم : أليس جحد الله عزوجل بالقلب فقط لا باللسان كفرا؟ فلا بدّ من نعم.
قال : فيجب على هذا أن يكون التصديق وحده إيمانا.
فجوابنا وبالله تعالى التوفيق : أنّ هذا كان يصح لكم لو كان التصديق بالقلب وحده ، أو باللسان وحده إيمانا ، وقد أوضحنا آنفا أنه ليس شيء من ذلك على انفراده إيمانا ، وأنه ليس الإيمان إلا ما سمّاه الله عزوجل إيمانا وليس الكفر إلا ما سمّاه الله عزوجل كفرا فقط.