اختلاف الناس في تسمية المذنب
قال أبو محمد رضي الله عنه : اختلف الناس في تسمية المذنب من أهل ملتنا. فقالت المرجئة : هو مؤمن كامل الإيمان ، وإن لم يعمل خيرا قط ، ولا كف عن شر قط وقال بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد : هو كافر مشرك كعابد الوثن ، بأي ذنب كان منه صغيرا كان الذنب أو كبيرا ، ولو فعله على سبيل المزاح.
وقالت الصفارية : (١) إن كان الذنب كبيرا فهو مشرك كعابد الوثن ، وإن كان الذنب صغيرا فليس كافرا.
وقالت الإباضية : إن كان الذنب من الكبائر فهو كافر نعمة تحل موارثته ومناكحته وأكل ذبيحته ، وليس مؤمنا ولا كافرا على الإطلاق.
وروي عن الحسن البصري وقتادة رضي الله عنهما أن صاحب الكبيرة منافق ، وقالت المعتزلة : إن كان الذنب من الكبائر فهو فاسق ليس مؤمنا ولا كافرا ولا منافقا وأجازوا مناكحته وموارثته وأكل ذبيحته ، قالوا : وإن كان من الصغائر فهو مؤمن ولا شيء عليه.
وذهب أهل السنة من أصحاب الحديث والفقهاء إلى أنه مؤمن فاسق ناقص الإيمان وقالوا : الإيمان اسم معتقده وإقراره وعمله الصالح ، والفسق اسم عمله السيّئ إلا أن بين السلف منهم والخلف اختلافا في تارك الصلاة عمدا حتى يخرج وقتها ، وتارك الصوم لو مضى كذلك ، وتارك الزكاة ، وتارك الحج كذلك ، وفي قاتل المسلم عمدا ، وفي شارب الخمر ، وفيمن سب نبيا من الأنبياء عليهمالسلام وفيمن ردّ حديثا قد صح عنده عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
فروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومعاذ بن جبل ، وابن مسعود ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ،
__________________
(١) الصفارية ، أو الصفرية : هم أتباع زياد بن الأصفر من الخوارج. لهم أقوال فصّلها الإمام البغدادي في الفرق بين الفرق (ص ٦١ ـ ٦٣).