وقال تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) [سورة المائدة آية رقم ٥] وفي سورة النساء : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) فهذه آيات في غاية البيان في أنه ليس في الأرض إلا مؤمن أو كافر ، أو مؤمنة أو كافرة ، ولا يوجد دين ثالث ، وأن المؤمنة حلال نكاحها للمؤمن ، وحرام نكاحها على الكافر ، وأن الكتابية حلال للمؤمن بالزواج وللكافر ، فخبرونا إذا زنت المرأة ، وهي غير محصنة أو وهي محصنة ، أو إذا سرقت أو شربت الخمر أو قذفت أو أكلت مال يتيم أو تعمدت ترك الغسل حتى خرج وقت الصلاة وهي عالمة بذلك ، أو لم تخرج زكاة مالها فكانت عندكم بذلك كافرة ، أو بريئة من الإسلام ، خارجة عن الإيمان وخارجة عن جملة المؤمنين ، أيحل للمؤمن الفاضل ابتداء نكاحها ، أو البقاء معها على الزوجية إن كان قد تزوجها قبل ذلك ..؟ أو يحرم على أبيها الفاضل أو أخيها البر أن يكون لها وليين في تزويجها؟ وأخبرونا إذا زنى الرجل أو سرق أو قذف ، أو أكل مال يتيم ، أو فرّ من الزحف أو سحر ، أو ترك صلاة عمدا حتى خرج وقتها ، أو لم يخرج زكاة ماله ، فصار بذلك عندكم كافرا ، أو برئ من الإسلام ، وخرج عن الإيمان وعن جملة المؤمنين ، أيحرم عليه ابتداء نكاح امرأة مؤمنة أو وطؤها بملك اليمين ، أو تحرم عليه امرأته المؤمنة التي في عصمته ، فينفسخ نكاحها منه أو يحرم عليه أن يكون وليا لابنته المؤمنة ، أو أخته المؤمنة في تزويجها؟ وهل يحرم على التي ذكرنا والرجل الذي ذكرنا ميراث وليهما المؤمن ، أو يحرم على وليهما المؤمن ميراثهما ، أو يحرم أكل ذبيحته ، لأنه قد فارق الإسلام في زعمكم وخرج عن جملة المؤمنين؟ فإنهم كلهم لا يقولون بشيء من هذا ، فمن الخلاف المجرد منهم لله تعالى أن يحرم الله تعالى المؤمنة على من ليس بمؤمن فيحلّونها هم ، ويحرم الله تعالى التي ليست مؤمنة على المؤمن إلا أن تكون كتابية فيحلونها هم ، ويقطع الله تعالى الولاية بين المؤمن ومن ليس مؤمنا فيبقونها هم في النكاح ، ويحرم تعالى ذبائح من ليس مؤمنا إلا أن يكون كتابيا فيحلونها هم ، ويقطع عزوجل الموارثة بين المؤمن ومن ليس مؤمنا فيثبتونها هم ومن خالف القرآن وثبت على ذلك بعد قيام الحجة عليه فنحن نبرأ إلى الله تعالى منه.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وأكثر هذه الأمور التي ذكرنا فإنه لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام فيها ، ولا بين فرقة من الفرق المنتمية إلى الإسلام ، وفي بعضها