الكلام في تعبد الملائكة ، وتعبد الحور العين
والخلق المستأنف وهل يعصي ملك أم لا
قال أبو محمد رضي الله عنه : قد نص الله عزوجل على أن الملائكة متعبدون قال تعالى : (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [سورة النحل : ٥٠]. ونص تعالى على أنه أمرهم بالسجود لآدم ، وقال تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) إلى قوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [سورة الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٩]. وقال تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [سورة النحل : ٤٩ و ٥٠].
قال أبو محمد رضي الله عنه : نص الله تعالى على أنهم مأمورون منهيون متوعدون مكرمون ، موعودون بإيصال الكرامة أبدا مصرفون في كتاب الأعمال وقبض الأرواح وأداء الرسالة إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والتوكل بما في العالم الأعلى والأدنى ، وغير ذلك مما خالقهم عزوجل به عليم ، وقوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) [سورة التكوير : ١٩ ـ ٢١]. فأخبر عزوجل أن جبريل عليهالسلام مطاع في السموات أمين هنالك فصح أن هنالك أوامر وتدبير وأمانات وطاعة ومراتب ، ونص تعالى على أنهم كلّهم معصومون بقوله عزوجل : (عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [الأنبياء : ٢٦ و ٢٧]. وبقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) [سورة الأنبياء : ٢٠]. وبقوله : (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) [سورة فصلت : ٣٨]. فنص تعال على أنهم كلهم لا يسأمون من العبادة ولا يفترون من التسبيح والطاعة لا ساعة ولا وقتا ، ولا يستحسرون من ذلك ، وهذا خبر على التأبيد لا يستحيل أبدا ، ووجب أنهم متنعمون بذلك مكرمون به مفضلون بتلك الحال وبالتذاذهم بذلك ونص تعالى على أنهم كلهم معصومون قد حقت لهم ولاية ربهم عزوجل أبد الأبد بلا نهاية فقال تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ