تفضّلوني على يونس بن متّى» (١)؟؟؟
فقد بطل ظنهم بلا شك وصح أن معنى قوله : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [سورة الأنبياء : ٨٧] أي ألا نضيق عليه ، كما قال تعالى : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) [سورة الفجر : ١٦].
أي ضيق عليه ، فظن يونس عليهالسلام أن الله تعالى لا يضيق عليه في مغاضبته لقومه إذ ظنّ أنه محسن في فعله ذلك ، وأما نهي الله عزوجل لمحمد صلىاللهعليهوسلم عن أن يكون كصاحب الحوت. فنعم نهاه الله عزوجل من مغاضبته قومه ، وأمره بالصبر على أذاهم ، وبالمطاولة لهم.
وأما قول الله تعالى إنه استحق الذم ، والملامة ، وأنه لو لا النعمة التي تداركه بها للبث معاقبا في بطن الحوت.
فهذا نفس ما قلناه من أن الأنبياء عليهمالسلام يؤاخذون في الدنيا على ما فعلوه مما يظنونه خيرا وقربة إلى الله عزوجل ، إذا لم يوافق مراد ربهم ، وعلى هذا الوجه أقر على نفسه بأنه كان من الظالمين ، والظلم : وضع الشيء في غير موضعه. فلما وضع النبي صلىاللهعليهوسلم المغاضبة في غير موضعها ، اعترف في ذلك بالظلم ، لا على أنه قصده وهو يدري أنه ظلم.
انقضى الكلام في يونس عليهالسلام وبالله تعالى التوفيق.
الكلام في داود عليهالسلام
وذكروا أيضا قول الله تعالى حاكيا عن داود عليهالسلام (هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ) إلى قوله : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) [سورة ص : ٢١ ـ ٢٥].
__________________
(١) رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (حديث رقم ٣٤١٢) من طريق عبد الله بن مسعود بلفظ : «لا يقولنّ أحدكم إني خير من يونس بن متّى». ورواه برقم (٣٤١٣) من طريق ابن عباس بلفظ : «ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متّى». ورواه برقم (٣٤١٥) من طريق أبي هريرة بلفظ : «ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متّى». ثم رواه أيضا في التفسير حديث رقم (٤٦٠٣) عن ابن مسعود بلفظ : «ما ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متّى» وبرقم (٤٦٠٤) عن أبي هريرة بلفظ : «من قال أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب». والحديث رواه أيضا مسلم في الفضائل (حديث رقم ١٦٦ و ١٦٧) والترمذي في الصلاة باب ٢٠ ، وتفسير سورة ٣٩ باب ٩.