الكلام في سليمان عليهالسلام
وذكروا قول الله عزوجل عن سليمان عليهالسلام (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) [سورة ص آية رقم ٣٤].
قال أبو محمد : ولا حجة لهم في هذا إذ معنى قوله تعالى : (فَتَنَّا سُلَيْمانَ) أي آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته كما قال تعالى مصدقا لموسى عليهالسلام (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) [سورة الأعراف آية رقم ١٥٥]. فصح أن من الفتنة ما هدى الله تعالى بها من يشاء. وقال تعالى : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) [سورة العنكبوت آية رقم ١ ، ٢ ، ٣].
فهذه الفتنة هي الاختبار ، حتى يظهر المهتدي من الضال ، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان إنما هي اختباره حتى ظهر فضله فقط ، وما عدا هذا فخرافات ولدها زنادقة اليهود ، وأشباههم.
وأما الجسد الملقى على كرسيه ، فقد أصاب الله تعالى به ما أراد ، ونقول صدق الله عزوجل كلّ من عند الله ربنا ، ولو جاء نص صحيح في القرآن وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتفسير هذا الجسد ما هو لقلنا به ، فإذ لم يأت بتفسيره ما هو نص ، ولا خبر صحيح ، فلا يحل لأحد القول بالظن الذي هو أكذب الحديث في ذلك ، فيكون كاذبا على الله عزوجل. إلا أننا لا نشك البتة في بطلان قول من قال إنه كان جنيا تصور بصورته ، بل نقطع على أنه كذب ، والله تعالى لا يهتك ستر رسوله صلىاللهعليهوسلم هذا الهتك ، وكذلك نبعد قول من قال إنه كان ولدا له أرسله إلى السحاب لتربيه ، فسليمان عليهالسلام كان أعلم من أن يربي ابنه لغير ما طبع الله عزوجل بنية البشر عليه من اللبن والطعام ، وهذه كلها خرافات موضوعة مكذوبة لم يصح إسنادها قط. وذكروا أيضا قول الله عزوجل عن سليمان عليهالسلام (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [سورة ص آية رقم ٢٢ ، ٢٣]. وتأولوا ذلك على ما قد نزه الله عنه من له أدنى مسكة من عقل من أهل زماننا وغيره ، فكيف بنبي معصوم مفضل من أنه قتل الخيل إذ اشتغل بها عن الصلاة.
قال أبو محمد : وهذه خرافة موضوعة مكذوبة سخيفة باردة قد جمعت أفانين من