قال أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لأنه ليس في نص الآية ولا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن هذا المذكور كان نبيا ، وقد يكون إنباء الله تعالى لهذا المذكور آياته أنه أرسل إليه رسولا بآياته كما فعل بفرعون وغيره فانسلخ منها بالتكذيب ، فكان من الغاوين. وإذا صح أن نبيا لا يعصي الله عزوجل تعمدا فمن المحال أن يعاقبه الله تعالى على ما لا يفعل ، ولا عقوبة أعظم من الحط عن النبوة ، ولا يجوز أن يعاقب بذلك نبي البتة ، لأنه لا يكون منه ما يستحق به هذا العقاب. وبالله تعالى التوفيق. فصح يقينا أن هذا المنسلخ لم يكن قط نبيا.
وذكروا قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ما من أحد إلا من ألمّ بذنب أو كاد إلا يحيى بن زكريا ، كلاما هذا معناه. (١)
قال أبو محمد : وهذا صحيح وليس خلافا لقولنا إذ قد بينا أن الأنبياء عليهمالسلام يقع منهم النسيان ، وقصد الشيء يظنونه قربة إلى الله تعالى ، فأخبر عليهالسلام أنه لم ينج من هذا أحد إلا يحيى بن زكريا عليهماالسلام ، فيقوم من هذا أن يحيى لم ينس شيئا واجبا عليه قط ، ولا فعل إلا ما وافق فيه مراد ربه عزوجل.
الكلام في محمّد صلىاللهعليهوآله سلم
قال أبو محمد : وذكروا قول الله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [سورة الأنفال آية رقم ٦٨].
وقوله تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) [سورة عبس الآيات ١ إلى ١٠].
وبالحديث الكاذب الذي لم يصح قطّ في قراءته عليهالسلام في (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) [سورة النجم آية رقم ١].
وذكروا تلك الزيادة المفتراة التي تشبه من وضعها من قولهم : وإنها لهي الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى وذكروا قول الله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند (١ / ٢٥٤) عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من أحد من ولد أمّ إلا قد أخطأ أو همّ بخطيئة ليس يحيى بن زكريا» ورواه أيضا في مواضع أخرى من مسنده (١ / ٢٩٢ ، ٢٩٥ ، ٣٠١ ، ٣٢٠).