وأما الجن فقد قلنا : إنهم متعبدون بملة الإسلام.
وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم «إنّ الروث والعظام طعام إخواننا من الجن». (١)
وهذا بخلاف حكمنا ، فقد يخصهم الله عزوجل بأوامر خلاف أوامرنا ، كما للنساء شرائع ليست للرجال من الحيض وقطع الصلاة وغير ذلك ، وكما لقريش الإمامة وليست لغيرهم ، وكل ذلك دين الإسلام وبالله تعالى التوفيق وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال
أم لا يكون مؤمنا مسلما إلّا من استدل ..؟
قال أبو محمد : ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني إلى أنه لا يكون مسلما إلا من استدل ، وإلا فليس مسلما.
وقال الطبري : من بلغ الاحتلام أو الإشعار من الرجال والنساء ، أو بلغ المحيض من النساء ، ولم يعرف الله عزوجل بجميع أسمائه وصفاته من طريق الاستدلال فهو كافر ، حلال الدم والمال ، وقال : إنه إذا بلغ الغلام أو الجارية سبع سنين وجب تعليمهما وتدريبهما على الاستدلال على كل ذلك. وقالت الأشعرية : لا يلزمهما الاستدلال على ذلك إلا بعد البلوغ.
قال أبو محمد : وقال سائر أهل الإسلام : كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه ، وقال بلسانه لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله وأن كل ما جاء به حق ، وبرئ من كل دين سوى دين محمد صلىاللهعليهوسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك.
قال أبو محمد : فاحتجت الطائفة الأولى بأن قالت : قد اتفق الجميع على أن التقليد مذموم وما لم يكن يعرف باستدلال فإنما هو تقليد لا واسطة بينهما ، وذكروا قول الله عزوجل : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [سورة الزخرف : ٢٣].
وقال تعالى : (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ) [سورة الزخرف : ٢٤].
__________________
(١) رواه البخاري في الوضوء باب ٢١ ، ومسلم في الطهارة حديث ٥٨ ، وأبو داود في الطهارة باب ٤ ، والترمذي في الطهارة باب ١٤ ، والنسائي في الطهارة باب ٣٤ و ٣٥ ، وابن ماجة في الطهارة باب ١٦ ، وأحمد في المسند (٢ / ٢٤٧).