الكلام في الوعد والوعيد
قال أبو محمد : اختلف الناس في الوعد والوعيد ، فذهبت كل طائفة لقول ، منهم من قال : إن صاحب الكبيرة ليس مؤمنا ولكنه كافر أو فاسق أو كافر نعمة أي أن كل من مات مصرّا على كبيرة من الكبائر فلم يمت مسلما ، وإذا لم يمت مسلما فهو مخلد في النار أبدا.
وأن من مات ولا كبيرة له ، أو تاب عن كبائره قبل موته فإنه مؤمن من أهل الجنة لا يدخل النار أصلا.
ومنهم من قال بأن كل ذنب صغير أو كبير فهو مخرج عن الإيمان والإسلام فإن مات عليه فهو غير مسلم ، وغير المسلم فهو مخلد في النار. وهذه مقالات الخوارج والمعتزلة.
إلا أن بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد قال في طلحة والزبير رضي الله عنهما إنهما كافران من أهل الجنة لأنهما من أهل بدر ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله تعالى قال لأهل بدر : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». (١)
قال : فأهل بدر إن كفروا فمغفور لهم ، لأنهم بخلاف غيرهم. وقال بعض المرجئة : لا تضر مع الإسلام سيئة ، كما لا ينفع مع الكفر حسنة قالوا : فكل مسلم ولو بلغ كل معصية فهو من أهل الجنة ، لا يرى نارا ، وإنما النار للكفار. وكلا هاتين الطائفتين لا تقر بأن أحدا يدخل النار ثم يخرج عنها ، بل من دخل النار فهو مخلد فيها أبدا ، ومن كان من أهل الجنة فهو لا يدخل النار.
وقال أهل السنة والحسين النجار وأصحابه وبشر بن غياث المريسي ، وأبو بكر بن
__________________
(١) رواه البخاري في المغازي باب ٩ و ٤٦ ، وتفسير سورة ٦٠ باب ١ ، والأدب باب ٧٤. ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٦١. وأبو داود في الجهاد باب ٩٨ ، والسنّة باب ٨. والترمذي في تفسير سورة ٦٠ باب ١. والدارمي في الرقاق باب ٤٨. وأحمد في المسند (١ / ٨٠ ، ٢ / ٢٩٦).