عذاب القبر
قال أبو محمد : ذهب ضرار بن عمرو الغطفاني أحد شيوخ المعتزلة إلى إنكار عذاب القبر.
وهو قول من لقينا من الخوارج.
وذهب أهل السنة وبشر بن المعتمر والجبائي وسائر المعتزلة إلى القول به.
وبه نقول لصحة الآثار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو محمد : وقد احتج من أنكره بقول الله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) [سورة غافر آية رقم ١١].
وبقوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [سورة البقرة آية رقم ٢٨] الآية.
قال أبو محمد : وهذا حق لا يدفع عذاب القبر لأن فتنة القبر وعذابه والمساءلة إنما هي للروح فقط بعد فراقه للجسد إثر ذلك ، قبر أو لم يقبر.
برهان ذلك قول الله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ) الآية [سورة الأنعام الآية : ٩٣].
وهذا قبل القيامة بلا شك وإثر الموت وهذا هو عذاب القبر.
وقال تعالى : (إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [سورة آل عمران آية رقم ١٨٥].
وقال تعالى في آل عمران (١) (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [سورة غافر آية رقم ٤٦].
فهذا العرض المذكور هو عذاب القبر ، وإنما قيل عذاب القبر فأضيف إلى القبر لأن المعهود في أكثر الموتى أنهم يقبرون.
وقد علمنا أن فيهم أكيل السبع ، والغريق تأكله دواب البحر ، والمحرق ،
__________________
(١) كذا في الأصل. والصواب أن الآية التالية من سورة غافر.