الكلام على من مات من أطفال
المسلمين والمشركين قبل البلوغ
قال أبو محمد : اختلف الناس في حكم من مات من أطفال المسلمين والمشركين ذكورهم وإناثهم.
فقالت الأزارقة من الخوارج : أما أطفال المشركين ففي النار. وذهبت طائفة إلى أنه يوقد لهم يوم القيامة نار ويؤمرون باقتحامها فمن دخلها منهم دخل الجنة ، ومن لم يدخلها منهم أدخل النار.
وذهب آخرون إلى الوقوف فيهم.
وذهب جمهور الناس إلى أنهم في الجنة وبه نقول.
قال أبو محمد : فأما الأزارقة فاحتجوا بقول الله تعالى حاكيا عن نوح عليهالسلام أنه قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) [سورة نوح آية رقم ٢٧].
ويقول : روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أن خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : يا رسول الله أين أطفالي منك؟ قال : «في الجنّة» قالت : فأطفالي من غيرك؟ قال «في النّار» فأعادت عليه فقال لها : «إن شئت أسمعتك تضاغيهم». (١)
وبحديث آخر في : «الوائدة والموءودة في النّار». (٢)
وقالوا : إن كانوا عندكم في الجنة فهم مؤمنون ، لأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، فإن كانوا مؤمنين فيلزمكم أن تدفنوا أطفال المشركين مع المسلمين ، وأن لا تتركوه يلتزم إذا بلغ دين أبيه فتكون ردة وخروجا عن الإسلام إلى الكفر ، وينبغي لكم أن ترثوه وتورثوه من أقاربه من المسلمين.
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٦ / ٢٠٨).
(٢) سيأتي تخريجه ص ٩٣ حاشية ٣.