وإذا حصلت المفردات مع النّسب ذهنا حصل العلم بالمعاني المركّبة. (١)
وفيه نظر ، فإنّ الغرض من وضع اللفظ قد بيّنا أنّه تعريف الغير ما في ضمير المتكلّم من المعاني المدلول عليها بألفاظ ، سواء كانت المعاني مفردة أو مركّبة ، ولا دور هنا ، فإنّا لا نستفيد العلم بتلك المسمّيات من تلك الألفاظ ، بل نستفيد قصد المتكلّم أو غرضه من المعاني المفردة من اللفظ المفرد.
واعلم أنّ الألفاظ لم توضع للدّلالة على الموجودات الخارجيّة بل للدلالة على الذهنيّة.
أمّا في المفردات فلأنّا إذا ظننّا في جسم بعيد أنّه صخرة سمّيناه بذلك ، فإذا ظهر لنا انّه إنسان سمّيناه باسم الإنسان ، فاختلاف الأسماء عند اختلاف الصّور الذّهنيّة يدلّ على أنّ اللفظ يدلّ عليها.
وأمّا في المركّبات فلأنّا إذا قلنا : «قام زيد» لم يفد قيامه ، وإلّا لم يكن كذبا ، بل الحكم به فإذا عرفنا أنّ ذلك الحكم صواب استدللنا به حينئذ على الوجود الخارجيّ ، فأمّا أن يكون اللفظ دالّا على ما في الخارج فلا. (٢)
وفيه نظر ، فإنّ الواضع إنّما وضع الألفاظ للمعاني الخارجيّة والحقائق العينيّة ، وأمر من يتحدّث على لغته باستعمال اللّفظ فيما وضعه له.
والمتخيّل للصخرة إنسانا إنّما يسمّي الصخرة الخارجيّة بالإنسان لا ما يتصوّره من الصورة الإنسانيّة.
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٦٦ ، وتنظّر فيه المصنّف.
(٢) الاستدلال لتاج الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين الأرموي المتوفّى سنة ٦٥٣ ه في الحاصل من المحصول : ١ / ٢٨٤ ، وتنظّر فيه المصنّف.