الثاني : الأمر إنّما ورد بالفعل ، فلا دلالة له على العزم ، ولم يوجد سوى الأمر ، فانتفى دليل العزم ، فكان ساقطا ، لوجوب انتفاء ما لا دليل عليه.
الثالث : لو كان العزم بدلا في أوّل الوقت ، فنقول : إمّا أن يجوز تأخير الفعل فيه أو لا ، والثاني يقتضي خرق الإجماع الدالّ على جواز التأخير إلى آخر الوقت.
فإذا جاز التأخير ، فإمّا إلى بدل ، أو لا إلى بدل والثاني المطلوب ، والأوّل يستلزم تعدّد البدل بتعدّد الأزمنة ، وهو باطل ، فإنّ بدل العبادة إنّما يجب على حدّ وجوبها ، ليكون فعله جاريا مجرى فعلها ، والأمر اقتضى الوجوب في أحد أجزاء هذا الوقت مرّة واحدة ، فيكون البدل كذلك.
اعترض على الأوّل : بتجويز كون البدل قائما مقام الأصل في أوّل الوقت ، لا في جميع الأوقات ، فإذا فعل البدل في هذا الوقت ، سقط الأمر بالأصل في هذا الوقت ، دون باقي الأوقات.
وأجيب : بأنّ الأمر لا يقتضي التكرار ، فإذا قام البدل مقام الأصل في هذا الوقت ، قام مقامه في المرّة الواحدة ، والأمر لا يقتضي الفعل إلّا مرّة واحدة ، وقد قام هذا البدل مقامه فيها ، فيكون قد أدّى تمام المقصود بالأمر ، فيسقط التّكليف بالكليّة. (١)
وفيه نظر ، فإنّ الأمر اقتضى إيجاب الفعل في أحد أجزاء الوقت ، فهو في كلّ جزء من أجزائه ، مخاطب بأن يوقع الفعل فيه ، أو بدله إلى الوقت
__________________
(١) الإشكال والجواب مذكوران في المحصول للرّازي : ١ / ٢٨٥.