المبحث الثّامن : في أنّ النهي هل يدلّ على الصحّة أم لا؟
نقل أبو زيد عن أبي حنيفة ومحمد بن الحسن : أنّ النهي يدلّ على الصحّة. (١)
وخالفهما جماهير المعتزلة والأشاعرة.
احتجّ الجمهور بوجهين :
الأوّل : لو دلّ النهي على الصحّة ، لدلّ إمّا بلفظه أو بمعناه ، والتالي بقسميه باطل ، فالمقدّم مثله ، والشرطيّة ظاهرة.
وبيان بطلان التالي : أنّ الصحّة عبارة عن ترتّب أحكام الفعل عليه ، والنّهي لغة إنّما يدلّ على طلب ترك الفعل ، فلا إشعار له بغير ذلك نفيا ولا إثباتا بشيء من الدّلالة (٢).
الثاني : أجمعنا على وجود النهي من غير صحّة ، كما في بيع الملاقيح والمضامين ، وحبل الحبلة ، (٣) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعي الصّلاة أيّام
__________________
(١) نقله الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٢٥.
(٢) في «ب» : من الدلالتين.
(٣) نقله الهيثمي في مجمع الزوائد : ٤ / ١٠٤.
قال ابن الأثير في جامع الأصول : ١ / ٤١١ :
كان أهل الجاهليّة يبتاعون لحوم الجزور إلى «حبل الحبلة» وحبل الحبلة : أن تنتج الناقة ما في بطنها ، ثم تحمل الّتي نتجت ، فنهاهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك.