المطلب الثاني : في أنّ الجمع المنكّر ليس للعموم
بل يحمل على أقلّه ، الخلاف هنا مع أبي علي ، فإنّه قال : إنّه للعموم.
لنا : أنّ لفظ رجال يمكن نعته بأيّ جمع شئنا ، فيقال : رجال ثلاثة ، وأربعة وهكذا ، ويمكن تقسيمه إليها.
ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام ، مغاير لكلّ واحد منها ، وغير مستلزم لها ، فاللّفظ الدّال على ذلك المورد لا إشعار له البتّة بشيء منها ، أمّا الثلاثة ، فإنّها واجبة الدخول قطعا ، لأنّه إذا قصد الأكثر دخلت قطعا.
احتجّ بوجوه :
الأوّل : حمله على الاستغراق حمل له على جميع حقائقه ، فيكون أولى من حمله على البعض ، لعدم الأولويّة.
الثاني : لو أراد المتكلّم البعض لعيّنه ، وإلّا كان مراده مبهما ، ولمّا بطل التعيين ، ثبت أنّه للعموم.
الثالث : يصحّ استثناء كلّ عدد منه سوى الاستغراق ، والاستثناء إخراج جزء من كلّ.
والجواب عن الأوّل : أنّ حقيقة هذا الجمع الثلاثة من غير بيان عدم الزائد ووجوده ، وهو أمر مشترك بين الثلاثة لا غير ، وبين الثلاثة مع غيرها ، واللفظ الدّال على القدر المشترك ، لا دلالة له البتّة على شيء من جزئيّاته ، فضلا عن أن يكون حقيقة فيها.